"مسام" يقترب من نصف مليون لغم منزوع منذ انطلاق المشروع

مسام
كتب بواسطة: سماح عبده | نشر في  twitter

بخطى حثيثة وإصرار لا يلين، يواصل مشروع "مسام" الإنساني، التابع لمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، معركته اليومية ضد الموت الكامن تحت التراب في الأراضي اليمنية، حيث أعلن المشروع عن تمكن فرقه الهندسية من نزع 1,504 ألغام وذخائر غير منفجرة خلال الأسبوع الرابع من شهر مايو الجاري، في سلسلة من العمليات الدقيقة والخطرة التي تنفذها كوادر مدربة في بيئات شديدة التعقيد والخطورة، لا هدف لها سوى إنقاذ أرواح المدنيين وإعادة الأمان إلى أرض لم تذق طعم الطمأنينة منذ سنوات.

الجهود الميدانية التي نفذها فريق "مسام" توزعت على عدة محافظات يمنية، كان لمحافظة عدن النصيب الأكبر منها، حيث نجح الفريق في نزع 1,398 ذخيرة غير منفجرة، إلى جانب لغم مضاد للأفراد بمديرية قعطبة في محافظة الضالع، وهذه الأرقام لا تعكس فقط حجم التهديد المتناثر بين الطرقات والمزارع والمنازل، بل تكشف أيضًا عن حجم العمل المضني الذي يبذله المشروع في سبيل تطهير الأرض من أدوات القتل العشوائي.
إقرأ ايضاً:"احذر.. وقوف سيارتك في غير الأماكن المخصصة يكلفك هذه الغرامة تراجع أسعار البيض وتباين منتجات الألبان والحليب في السعودية

وفي محافظة الحديدة، واصل الفريق عمله في مديريات حيس والخوخة، حيث تم نزع ذخائر غير منفجرة تهدد حياة السكان في مناطق تعيش أصلًا تحت وطأة ظروف إنسانية معقدة، أما في محافظة لحج، فقد أسفرت عمليات النزع عن إزالة أربع ذخائر غير منفجرة في مديرية الوهط، في خطوة إضافية باتجاه تأمين مزيد من المساحات السكنية والزراعية التي طالما كانت خارج نطاق الأمان.

اللافت في عمليات الأسبوع الأخير من مايو هو النشاط المكثف في محافظة مأرب، حيث تم نزع 37 لغمًا مضادًا للدبابات بمديرية مأرب وحدها، ما يعكس حجم التلغيم الذي تعرضت له هذه المحافظة التي شهدت موجات متلاحقة من النزاع والاشتباكات، أما في محافظة تعز، فقد شهدت مديريات ذباب والمخاء والمظفر عمليات دقيقة أسفرت عن نزع ألغام مضادة للأفراد وأخرى مضادة للدبابات، فضلًا عن عشرات الذخائر غير المنفجرة وعبوة ناسفة واحدة، وهي مناطق لطالما شكلت نقاط تماس ساخنة خلال السنوات الماضية.

ويمثل استمرار عمليات النزع رسالة واضحة بأن الحرب في اليمن لم تنتهِ بعد، وإن خفت صوت الرصاص، فإن الألغام المزروعة تظل شاهدة على ماضٍ مثقل بالمآسي، والأرقام التي أعلنها مشروع "مسام" تشير إلى تصاعد ملحوظ في نشاط فرق النزع، إذ ارتفع إجمالي ما تم انتزاعه خلال شهر مايو وحده إلى 5,711 لغمًا وذخيرة، في حين بلغ إجمالي ما تم نزعه منذ انطلاق المشروع إلى الآن 495,855 لغمًا، وهو رقم يعكس حجم الكارثة التي خلفها التلغيم العشوائي في اليمن.

منذ تأسيسه، تبنّى مشروع "مسام" نهجًا قائمًا على المهنية والاستدامة، ليس فقط عبر تنفيذ عمليات النزع، بل من خلال تدريب كوادر يمنية على التعامل مع الألغام وإعادة تأهيل المناطق المنزوعة، وهذه المقاربة جعلت من المشروع أحد أبرز الجهود الإنسانية المتخصصة في تطهير الأراضي الملغومة في مناطق النزاع، ووفرت بيئة آمنة لآلاف العائلات التي كانت تعيش على وقع الخوف من خطرٍ قد يكون مدفونًا في فناء منزلها أو طريق المدرسة.

ولا تقتصر أهمية هذا المشروع على جانبها الإنساني فحسب، بل تمتد لتشمل أبعادًا اقتصادية واجتماعية. إذ أن إزالة الألغام تعني إعادة الحياة للحقول والمزارع، وفتح الطرق أمام التجارة والتنقل، وعودة السكان إلى مناطق هجروها قسرًا، وإنها عملية بناء تدريجية لسلامٍ حقيقي يبدأ من الأرض، ويترسخ عبر الأمن الذي توفره فرق "مسام" مع كل متر مربع يجري تطهيره من أدوات القتل الصامت.

ومع كل لغم يُنتزع، تُكتب حياة جديدة لطفل كان سيلعب في الحقل، أو لامرأة كانت ستسلك طريقًا ملغومة بحثًا عن ماء أو دواء. هذا هو جوهر العمل الإنساني الذي اختار "مسام" أن يكون أحد أعمدته، في مهمة لا تنتهي بانتهاء العمليات، بل تستمر ما دامت هناك أراضٍ لا تزال تنتظر أن تعود للحياة.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | اتصل بنا | سياسة الخصوصية | X | Facebook