حملة كبرى تهز أركان سوق العمل .. مخالفات بالآلاف تكشفها زيارات رقابية صارمة

وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بالسعودية.
كتب بواسطة: فواز حمدي | نشر في  twitter

كشفت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية عن حصيلة رقابتها المكثفة على سوق العمل خلال الربع الأول من عام 2025، حيث أظهرت الأرقام تنفيذ أكثر من 400 ألف زيارة ميدانية شملت مختلف منشآت القطاع الخاص، وأسفرت عن رصد ما يزيد على 115 ألف مخالفة لنظام العمل، في مؤشر واضح على جدية الوزارة في إحكام الرقابة وضبط بيئة العمل وفق أعلى المعايير التنظيمية.

وتمثل هذه الجهود امتدادًا لاستراتيجية رقابية طويلة الأمد، تتبناها الوزارة لتحقيق الامتثال الكامل للأنظمة واللوائح، وتوفير بيئة عمل صحية وآمنة تسهم في تعزيز أداء القطاع الخاص ورفع معدلات التوظيف للمواطنين، بما يتماشى مع أهداف رؤية المملكة 2030 الهادفة إلى تمكين الكوادر الوطنية.
إقرأ ايضاً:"احذر.. وقوف سيارتك في غير الأماكن المخصصة يكلفك هذه الغرامة تراجع أسعار البيض وتباين منتجات الألبان والحليب في السعودية

وشملت الحملة الرقابية تقييم أكثر من 48 ألف منشأة، وهو ما يعكس اتساع نطاق المتابعة ودقة آليات التفتيش، حيث تقوم الفرق الميدانية بالتحقق من مدى الالتزام بتطبيق أنظمة العمل والتوطين، إلى جانب مراجعة سجلات الأجور والتأكد من عدم وجود أي تجاوزات تؤثر على حقوق العاملين أو تخالف التعليمات الصادرة من الجهات التنظيمية.

وأظهرت الوزارة قدرة عالية على الاستجابة للبلاغات الواردة من الأفراد والمواطنين، إذ تم استقبال أكثر من 14.6 ألف بلاغ خلال الفترة نفسها، وبلغت نسبة التفاعل معها نحو 98.9%، مما يشير إلى فعالية القنوات المخصصة للتواصل مع الجمهور، وسرعة التعامل مع المخالفات في الميدان.

ورغم هذا العدد الكبير من المخالفات، إلا أن مؤشرات الامتثال العام سجلت تحسنًا ملحوظًا، حيث بلغت نسبة التزام المنشآت بالقرارات الوزارية والتوطين 94%، وهو ما يعكس ارتفاع مستوى الوعي لدى القطاع الخاص، وزيادة التفاعل مع متطلبات التنظيم الحديثة التي تستهدف تعزيز الاستدامة في سوق العمل المحلي.

وفي جانب آخر من التقرير، كشفت الوزارة أن 93% من المنشآت انضمت إلى برنامج حماية الأجور، وهو البرنامج الذي يعد أحد أهم أدوات الحوكمة في سوق العمل، حيث يهدف إلى ضمان دفع الأجور في مواعيدها ووفق الاتفاقات النظامية، الأمر الذي يحد من النزاعات العمالية ويسهم في تعزيز الثقة بين العامل وصاحب العمل.

وتؤكد الوزارة أن هذه الأرقام تعكس نتائج ملموسة للجهود الرقابية التي تُبذل بشكل يومي في مختلف المناطق، مشددة على أن فرق التفتيش تعمل وفق استراتيجية مدروسة ترتكز على تحليل البيانات والمؤشرات لرصد السلوكيات المخالفة، مع اعتماد أحدث تقنيات المتابعة الميدانية لضمان دقة العمليات وسرعتها.

وفي سياق متصل، ترى الوزارة أن رفع كفاءة الرقابة لا ينفصل عن مشاريع تطوير بيئة العمل وتحفيز القطاع الخاص على تبني أفضل الممارسات، مشيرة إلى أن ما تحقق من التزام وتفاعل يعزز من استقرار السوق، ويخلق فرصًا أوسع لمشاركة الكوادر الوطنية في التنمية الاقتصادية.

ومن الملاحظ أن الحملة الرقابية لم تقتصر على رصد التجاوزات، بل شملت أيضًا جوانب توعوية، حيث تقوم الفرق بتقديم الإرشادات والتوجيهات لأصحاب العمل أثناء الزيارات الميدانية، وهو ما يسهم في رفع الوعي المؤسسي وتفادي الوقوع في المخالفات مستقبلًا، خصوصًا فيما يتعلق بتوطين الوظائف وحماية حقوق العاملين.

وتشير بيانات الوزارة إلى أن التركيز لم يكن على الكم فقط، بل على جودة التدخلات الرقابية وفاعليتها، إذ تسعى الوزارة من خلال زياراتها الميدانية إلى تحقيق أثر مباشر في سلوك المنشآت، ودفعها لتصحيح أوضاعها بما يتفق مع الأطر النظامية والتنظيمات المعتمدة في المملكة.

وترى الوزارة أن تحقيق نسبة تجاوب تفوق 98% مع البلاغات يعد من الإنجازات اللافتة، خصوصًا في ظل التوسع الجغرافي لسوق العمل، وتزايد أعداد المنشآت والعمالة، ما يتطلب مرونة وسرعة استجابة تعكس جاهزية الفرق الرقابية على مدار الساعة.

وتدعم الوزارة عمليات الرقابة الميدانية بأنظمة رقمية متقدمة، تتيح للفرق الوصول السريع للمعلومات، وربطها بالأنظمة المركزية، مما يساهم في رفع كفاءة العمل والتأكد من دقة البيانات، كما تساعد هذه الأدوات في تتبع المخالفات المتكررة واتخاذ الإجراءات النظامية بحق المنشآت المخالفة.

ويعد ما تحقق خلال هذا الربع مؤشرًا على أن الوزارة تتعامل مع ملف سوق العمل بشكل استباقي، وليس فقط كرد فعل على الشكاوى، حيث تسعى لتقليل الفجوة بين التنظيم والتطبيق، عبر متابعة دقيقة للقرارات على أرض الواقع، وضمان الامتثال الكامل من جميع المنشآت بغض النظر عن حجمها أو نشاطها.

وتعكس هذه النتائج حجم الجهد المبذول لضبط السوق، خصوصًا في ظل تنامي التحديات المرتبطة بتنوع القطاعات وتغير أنماط العمل، وهو ما يتطلب رقابة مرنة وشاملة تستوعب هذا التنوع دون الإخلال بجوهر النظام وضوابطه.

وفي إطار رؤية المملكة 2030، تشكل هذه الحملات الرقابية ركيزة أساسية في تحسين كفاءة سوق العمل، من خلال رفع مستوى الامتثال، وتعزيز مشاركة القوى الوطنية، وتوفير بيئة عمل تحترم الحقوق وتضمن العدالة في التوظيف والأجور.

وأكدت الوزارة أنها ماضية في تنفيذ استراتيجيتها الرقابية، وأن ما تحقق خلال الربع الأول هو مجرد بداية لمرحلة أكثر صرامة وانضباطًا، تهدف إلى الوصول لسوق عمل منظم ومستدام يخدم الاقتصاد الوطني ويحقق الطموحات التنموية الكبرى.

وتدعو الوزارة جميع أصحاب العمل إلى التعاون الجاد، والالتزام التام بجميع التعليمات، محذرة من أن المخالفات لن تمر دون محاسبة، وأن الرقابة ستظل مستمرة بوتيرة متصاعدة في جميع المناطق والقطاعات.

وتؤكد الوزارة أن تحسين بيئة العمل لن يكون مسؤولية الحكومة فقط، بل هو واجب مشترك يتطلب وعيًا من المنشآت، وإدراكًا لدور الامتثال في تحقيق التنافسية وتحفيز الاستثمار وتوفير بيئة جاذبة للكفاءات الوطنية والعالمية.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | اتصل بنا | سياسة الخصوصية | X | Facebook