"ابتكار سعودي جديد".. كيف تحول ركام المباني إلى ذهب أسود في شوارع الرياض؟

في خطوة مبتكرة تجسد تحويل التحديات البيئية إلى فرص تنموية، أعلنت الهيئة العامة للطرق، بالتعاون مع أمانة منطقة الرياض، عن إطلاق مبادرة نوعية، يتم من خلالها استخدام ناتج هدم المباني ومخلفات البناء في الخلطات الإسفلتية لرصف أحد طرق العاصمة.
وتمثل هذه المبادرة، التي تم تطبيقها على أرض الواقع، بداية لعهد جديد في قطاع إنشاء الطرق، حيث لم يعد الإسفلت مجرد خليط من المواد الخام التقليدية، بل أصبح يضم في مكوناته مواد معاد تدويرها، في تطبيق عملي لمفهوم "الاقتصاد الدائري".
إقرأ ايضاً:مجلس الشورى يدعم تسريع إجراءات المطالبات التأمينية ويستعرض استراتيجيات التنمية الوطنيةجستنيه يربك جماهير الاتحاد بتغريدة غامضة.. إشارات صراع نفوذ خلف الكواليس
وتأتي هذه الخطوة استنادًا إلى دراسة بحثية معمقة، تم إجراؤها في مركز أبحاث الطرق التابع للهيئة، والتي أثبتت فعالية وجودة الخلطات الإسفلتية والحصوية التي تحتوي على ركام ناتج عن تكسير مخلفات المباني والخرسانة القديمة.
وقد تم توريد هذه المواد من المردم البيئي التابع لأمانة منطقة الرياض، في نموذج مثالي للشراكة والتكامل بين الجهات الحكومية، حيث يتم تحويل المخلفات، التي كانت تشكل عبئًا بيئيًا، إلى مورد ذي قيمة اقتصادية، يساهم في بناء بنية تحتية مستدامة.
إن هذه المبادرة لا تقتصر فوائدها على الجانب البيئي فقط، والمتمثل في تقليل كمية النفايات المرسلة إلى المرادم، بل تمتد لتشمل فوائد اقتصادية هامة، حيث تساهم في خفض الاعتماد على المواد الخام الطبيعية، وبالتالي تقليل تكاليف إنشاء وصيانة الطرق.
وتعد إدارة مخلفات البناء والهدم جزءًا أساسيًا من خطة المملكة للتحول نحو الاقتصاد الدائري، والتي وضعت هدفًا طموحًا يتمثل في إعادة تدوير ما نسبته ستون بالمئة من هذه المخلفات بحلول عام 2035، وتأتي هذه المبادرة لتكون إحدى الأدوات الرئيسية لتحقيق هذا الهدف.
ولم تكن هذه التجربة هي الأولى من نوعها في المملكة، فقد سبق تنفيذها بنجاح في وقت سابق، بالشراكة مع أمانتي جدة والأحساء، ويأتي تطبيقها الآن في العاصمة الرياض، تمهيدًا للتوسع في تنفيذها بمواقع جديدة في مختلف أنحاء المملكة.
إن هذا التوسع المدروس، المبني على الأبحاث والتجارب الناجحة، يؤكد على أن هذه التقنية لم تعد مجرد فكرة، بل أصبحت حلاً معتمدًا وموثوقًا، تسعى الهيئة لجعله جزءًا أساسيًا من ممارساتها التشغيلية في المستقبل.
وتنسجم هذه الجهود بشكل مباشر مع الأهداف الاستراتيجية لقطاع الطرق، والتي لا تقتصر فقط على بناء وتوسيع الشبكة، بل تهدف إلى تحقيق الريادة العالمية، من خلال الوصول إلى المركز السادس عالميًا في مؤشر جودة الطرق بحلول عام 2030.
كما أن استخدام مواد مبتكرة ومستدامة، يساهم في رفع جودة البنية التحتية، وتعزيز عوامل السلامة المرورية، وهو ما يصب في تحقيق الهدف الأسمى المتمثل في خفض وفيات الحوادث، وتغطية الشبكة بأعلى معايير السلامة وفقًا للتصنيفات الدولية.
لقد نجحت الهيئة العامة للطرق وأمانة منطقة الرياض، من خلال هذه المبادرة، في تقديم نموذج ملهم، يثبت أن الابتكار قادر على حل أعقد المشكلات، وأن النظرة الإبداعية يمكن أن تحول "الركام" إلى "طريق"، و"التحدي" إلى "فرصة".
في المحصلة النهائية، لم تعد شوارع الرياض مجرد مسارات للتنقل، بل أصبحت أيضًا شاهدًا على قصة نجسام ونجاح، تروي حكاية وطن طموح، يسير بخطى واثقة نحو مستقبل أكثر استدامة وصداقة للبيئة، ويبني طرق غده من بقايا حاضره وماضيه.
- "احذر.. وقوف سيارتك في غير الأماكن المخصصة يكلفك هذه الغرامة
- تراجع أسعار البيض وتباين منتجات الألبان والحليب في السعودية
- ما هي متطلبات سفر السعوديين إلى الولايات المتحدة عام 1446
- كيفية استخراج رخصة البناء عبر بوابة أبشر 1446
- أحدث عروض القروض الشخصية من بنك الجزيرة
- خطوات استخراج تأشيرة الخروج النهائي عبر منصة أبشر 1446