قرار صارم من "إيجار" يعيد ترتيب سوق العقارات ويغير آليات إثبات عقود الإيجار

منصة
كتب بواسطة: سماح عبده | نشر في  twitter

في خطوة تنظيمية تهدف إلى ضبط العلاقة بين أطراف العملية التأجيرية ورفع مستوى الموثوقية في سوق العقارات، أكدت منصة "إيجار" التابعة للهيئة العامة للعقار أن عقود الإيجار غير المسجلة إلكترونيًا ضمن الشبكة الرسمية لا يُعتد بها سواء في التعاملات الإدارية أو في المسارات القضائية، ما يشكل تحوّلًا جذريًا في آلية تنظيم السوق العقاري في المملكة.

ويأتي هذا التأكيد تماشيًا مع السياسات الحكومية الرامية إلى توحيد مرجعية عقود الإيجار وحمايتها من التلاعب أو النزاعات، حيث تسعى الجهات المختصة إلى فرض معايير موحدة تضمن شفافية العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين وتحد من النزاعات العقارية التي قد تنشأ بسبب عقود ورقية أو غير موثقة.
إقرأ ايضاً:أسعار حديد التسليح في السعودية تشهد تراجعًا ملحوظًا خلال أغسطسوزارة التعليم السعودية تحدد آليات صارمة للتعامل مع الطلاب المتغيبين بعذر أو دون عذر

وذكرت المنصة أن تسجيل العقود في الشبكة الإلكترونية أصبح شرطًا أساسيًا للاعتراف بصحة العلاقة الإيجارية من الناحية الرسمية، سواء أمام الجهات الحكومية أو داخل أروقة القضاء، مؤكدة أن أي عقد خارج هذه الشبكة لا يتم الاعتداد به بأي شكل من الأشكال.

وتتولى وزارتي العدل والإسكان مسؤولية وضع الشروط والمتطلبات اللازمة لاعتماد العقود داخل الشبكة، بما يشمل معالجة الحالات الاستثنائية مثل امتناع أحد أطراف العقد عن التسجيل، وهي آلية تم إقرارها من مجلس الوزراء ضمن قواعد تهدف إلى تعزيز الثقة في سوق إيجار المساكن.

ويُعد هذا التوجه خطوة نحو رقمنة قطاع العقارات بشكل كامل، حيث بات تسجيل العقد في "إيجار" بمثابة شرط أساسي لتقديم الخدمات الحكومية المرتبطة بالعقارات، مثل إصدار رخص العمل أو الاستفادة من بعض الإعانات الاجتماعية أو المزايا التنظيمية.

وأكدت المنصة أن العديد من الجهات الحكومية بدأت بالفعل باعتماد منصة "إيجار" كمرجعية أساسية للتحقق من صحة العقود، مشيرة إلى أن بعض الخدمات لا تُستكمل إلا بعد التأكد من أن عقد الإيجار مسجل فعليًا في النظام، الأمر الذي يعكس تكامل الجهود بين مختلف الجهات المعنية.

ومن أبرز الوزارات التي ترتبط بمنصة "إيجار" بشكل مباشر، وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، التي تشترط تسجيل عقد إيجار سكن العامل الوافد داخل الشبكة كشرط أساسي لإصدار أو تجديد رخص العمل، وهو ما يُعد ربطًا مباشرًا بين تنظيم سوق الإيجارات وتنظيم سوق العمل في المملكة.

ويُتوقع أن يسهم هذا القرار في الحد من الإيجارات العشوائية وغير الرسمية، التي لطالما شكّلت مصدرًا للمشكلات والنزاعات، سواء على مستوى الحقوق أو الالتزامات، كما يعزز قدرة الدولة على مراقبة النشاط العقاري وضبطه ضمن إطار قانوني واضح وموحد.

وفي الوقت ذاته، يضع القرار عبئًا إضافيًا على المؤجرين والمستأجرين الذين اعتادوا التعامل خارج القنوات الرسمية، حيث سيكون لزامًا عليهم التسجيل في الشبكة الإلكترونية حتى يتم الاعتراف بالعقد، ما يتطلب توعية واسعة وضمان توفر المنصة بشكل ميسر لجميع شرائح المجتمع.

ويستهدف النظام الجديد في جوهره حماية حقوق جميع الأطراف، حيث يتيح تسجيل العقد في "إيجار" ضمانًا للمستأجرين بعدم تعرضهم للإخلاء أو تغيير شروط العقد دون الرجوع للأنظمة، كما يوفر للمؤجرين آليات نظامية للمطالبة بحقوقهم وتوثيق العلاقة بشكل يضمن الاستقرار.

ويبدو أن التوجه الرقمي للعقود الإيجارية سيعيد رسم شكل العلاقة السكنية في المملكة، حيث تسعى الحكومة إلى تقليل الاعتماد على الوسائل الورقية والتقليدية التي طالما شكّلت تحديًا في إثبات الحقوق أو إثبات الالتزام بالتعاقد، خاصة في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية.

ويُعد هذا التطوير امتدادًا لرؤية المملكة 2030، التي تضع من ضمن أولوياتها التحول الرقمي في مختلف القطاعات، لا سيما في القطاعات الحيوية مثل الإسكان، مما يسهل المراقبة والتحليل ويدعم السياسات العامة بالإحصاءات الدقيقة والمحدثة.

وتكمن أهمية القرار في أن شبكة "إيجار" لا تقتصر على كونها منصة لتسجيل العقود، بل توفر أيضًا أدوات إلكترونية لحل النزاعات، وخدمات توثيق إلكترونية تسهّل عملية إثبات العلاقة التعاقدية بشكل سريع وفعّال، ما يقلل من النزاعات المعروضة أمام الجهات القضائية.

ويُمكن القول إن القرار الجديد يوجّه رسالة واضحة للسوق العقاري بأهمية التنظيم والالتزام بالقنوات الرسمية، حيث أصبح الاعتماد على العقود الورقية أو الاتفاقات الشفهية خيارًا غير مقبول قانونيًا، ما يعزز من جدية المستثمرين ويطمئن المستأجرين.

ومن المتوقع أن تسهم هذه الخطوة في تحسين البيئة الاستثمارية في القطاع العقاري السكني، ورفع جودة الحياة من خلال توفير بيئة سكنية أكثر استقرارًا وتنظيمًا، خصوصًا مع ربط العقود بالجهات الحكومية المختلفة التي تقدم خدمات أساسية تتعلق بالسكن والعمل والتعليم.

وتؤكد المنصة أنها مستمرة في تطوير خدماتها، بما يشمل تحسين تجربة المستخدم وتسهيل عمليات التسجيل، إضافة إلى العمل على تكامل البيانات بين الجهات ذات العلاقة، بما يضمن دقة المعلومات وسهولة الوصول إليها عند الحاجة.

كما تهيب الهيئة العامة للعقار بجميع المواطنين والمقيمين التأكد من تسجيل عقودهم عبر منصة "إيجار"، تفاديًا لأي إشكالات مستقبلية في إثبات العلاقة التعاقدية أو الحصول على الخدمات المرتبطة بالإيجار، معتبرة أن التنظيم يصب في مصلحة جميع أطراف القطاع.

ومع دخول هذا القرار حيّز التطبيق العملي، يبقى التحدي الأبرز هو في ضمان التزام السوق بكافة مستوياته، من الملاك الكبار إلى الأفراد، حيث يعوّل كثيرون على أن تتبع هذه الخطوة بحملات توعية ودعم فني يسهّل على جميع الشرائح التسجيل والاستفادة من المنصة.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | اتصل بنا | سياسة الخصوصية | X | Facebook