في تحول مفاجئ وغير متوقع، أعلنت السعودية عن انسحابها العسكري من اليمن، منهية بذلك حقبة استمرت لمدة 9 سنوات منذ 2015. العملية جرت خلال أسبوع واحد فقط، لتصبح أكبر انسحاب عسكري تشهده المنطقة منذ الانسحاب الأمريكي من أفغانستان. التغيرات الأخيرة أعادت رسم خريطة القوة في اليمن وأثارت جدلاً واسعاً على الصعيدين الإقليمي والدولي، إذ أبدى الخبراء دهشتهم من سرعة الأحداث.
إقرأ ايضاً:مفاجآت عالمية تقترب من دوري روشن.. أسماء ثقيلة على رادار الأربعة الكبارتحركات صامتة داخل الأهلي.. مدرب الفريق يقود ملف صفقة محلية منتظرة
سيطرة المجلس الانتقالي على محافظتين كاملتين
شهدت الأيام السبعة الماضية سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي على محافظتي سيئون وحضرموت والمهرة بالكامل، دون إطلاق رصاصة واحدة. الكتيبة السعودية-السودانية انسحبت بهدوء من مواقعها في معاشيق، حاملة كامل معداتها العسكرية. أحمد العسيري، ضابط سعودي متقاعد، وصف المشهد بالقول: "لم نتوقع هذا السقوط السريع، كان الأمر وكأن أحداً رفع الراية البيضاء دون قتال."
الانتصارات السريعة للمجلس الانتقالي غيرت الواقع السياسي في مناطق واسعة من اليمن تعادل مساحة بلجيكا وهولندا معاً، وأحدثت تأثيراً كبيراً على التوازن العسكري في البلاد.
نهاية حقبة الهيمنة المباشرة
الانسحاب السعودي يمثل أكثر من مجرد حركة عسكرية، فهو نهاية مرحلة طويلة من الهيمنة المباشرة على الأرض اليمنية بدأت في 2015. يشبه القرار حركة لاعب شطرنج يعيد ترتيب القطع قبل تنفيذ خطة جديدة، حيث تعيد الرياض حساباتها الاستراتيجية لمواجهة واقع سياسي وعسكري متغير بسرعة.
الدكتور محمد العريقي، خبير الشؤون اليمنية، يوضح أن هذا الانسحاب هو تحول جذري من التحكم المباشر إلى التأثير عن بُعد، لكنه يطرح تساؤلات حول نجاح هذه الاستراتيجية الجديدة في الحفاظ على مصالح السعودية في اليمن والمنطقة.
تأثير الانسحاب على السكان المحليين
علي الكثيري، مواطن من سيئون، يروي تجربة سريعة التغير: "استيقظت لأجد أعلام المجلس الانتقالي ترفرف فوق المباني التي كانت تحت سيطرة الحكومة الشرعية." هذه التغيرات لا تمثل مجرد تبديل أعلام، بل إعادة تشكيل كاملة لمستقبل اليمن، حيث تواجه الخدمات الحكومية اضطرابات، وأسعار النفط المحلية تتأرجح، ومستثمرون بمليارات الدولارات يعيدون تقييم المخاطر في بيئة أصبحت أكثر تقلباً من أي وقت مضى.
الاجتماعات الطارئة للمستجدات
مع تسارع الأحداث، وصل رشاد العليمي إلى الرياض لإجراء مشاورات طارئة مع القيادة السعودية لتقييم الوضع ووضع الخطط المناسبة للتعامل مع التحولات الأخيرة. المحللون يتساءلون الآن: هل نشهد تقسيم اليمن إلى دولتين فعليتين، أم أن هذه خطوة مؤقتة في مسار طويل ومعقد من الأحداث؟
الآثار الإقليمية والدولية
الانسحاب السريع أعاد تحديد موازين القوى الإقليمية، وفرض واقعاً جديداً على اليمن والمنطقة. الدول المجاورة، والمجتمع الدولي، يراقبون الخطوات القادمة للمجلس الانتقالي، بينما تحاول السعودية ضبط التأثيرات الاستراتيجية والسياسية على مصالحها. المناطق النفطية والمناطق الاقتصادية في اليمن أصبحت على رأس الاهتمام، في ظل حالة من الفوضى المؤقتة التي تهدد استثمارات بمليارات الدولارات.