الشورى يفتح الباب أمام التمويل الجماعي والرقمنة الذكية.. قرارات مفصلية لإعادة رسم مستقبل الاقتصاد السعودي”

في جلسة تحمل بين طياتها ملامح تحول استراتيجي، يناقش مجلس الشورى توصيات نوعية تستهدف إعادة صياغة آليات التمويل في المملكة بما يتماشى مع التحولات الاقتصادية والرقمية العالمية. فقد أوصت لجنة المواد البشرية بدعم بنك التنمية الاجتماعية للتوسع في برامج التمويل الجماعي كأداة بديلة تعزز من فرص ريادة الأعمال وتدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، إلى جانب التنسيق مع هيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية لتوحيد الجهود وضمان مواءمة البرامج التمويلية مع أولويات دعم المنتج الوطني.
ولم تتوقف التوصيات عند هذا الحد، بل شددت على ضرورة توظيف الحلول الرقمية في تقديم التمويل عبر أنظمة ذكية قادرة على تحليل الاحتياجات ورصد الفجوات التمويلية بشكل دقيق، في إطار استراتيجي متكامل ينسجم مع أهداف بنك التنمية الاجتماعية في تمكين الأفراد وتعزيز دورهم في الاقتصاد.
إقرأ ايضاً:مشروع تعديل نظام المرور يشعل الجدل.. تغييرات كبرى تترقبها الطرق السعوديةخطة الهروب الكبرى.. نجم الاتحاد يرسم طريق العودة إلى أوروبا وسط كواليس نارية تهز الميركاتو الشتوي
ويصوّت المجلس كذلك على توصيات اللجنة المالية والاقتصادية بشأن تقرير وزارة الاقتصاد والتخطيط، حيث دعت التوصيات الوزارة إلى وضع منهجية شاملة لتقدير الآثار الاقتصادية والاجتماعية والمالية قبل إقرار أي أنظمة أو لوائح جديدة، بالتعاون مع المركز الوطني للتنافسية. كما طالبت بزيادة التنسيق مع وزارات الموارد البشرية والمالية لتبني مبادرات ترفع كفاءة الأجهزة الحكومية وتساعد على تفعيل برامج التنمية الإقليمية المتوازنة.
ومن جانب آخر، أكد أعضاء الشورى أهمية رصد انعكاسات البرامج الحكومية على التنمية المكانية والاقتصاد المحلي، محذرين من استمرار تمركز المشروعات الكبرى في مدن الحزام الأوسط مثل الرياض وجدة والدمام، الأمر الذي يفاقم مشكلات الضغط والازدحام ويزيد من معدلات الهجرة الداخلية بحثًا عن الفرص. كما برزت دعوات لزيادة الشفافية في نشر التوقعات الاقتصادية وتقييم المخاطر بشكل دوري، بما يسهم في تعزيز ثقة المستثمرين وجذب رؤوس الأموال العالمية.
كما شملت التوصيات الدعوة إلى مكافحة اقتصاد الظل الذي يشكل تحديًا أمام الأنشطة النظامية، إلى جانب تحديث استراتيجية القطاع غير الربحي وتعزيز دوره في تحقيق التنمية المستدامة، في ظل رؤية وطنية تسعى لزيادة مساهمة هذا القطاع في الناتج المحلي.
وفي جلسة مقبلة، يناقش المجلس توصيات لجنة التعليم والبحث العلمي التي تدعو إلى إنشاء مرصد وطني للتغير المناخي وفق أفضل الممارسات العالمية، بالإضافة إلى رفع كفاءة التحول الرقمي في الجامعات وتعزيز استقطاب الطلاب الدوليين، بما يعكس التوجه الاستراتيجي نحو بناء اقتصاد معرفي متكامل.
بهذه الخطوات، يبدو أن مجلس الشورى يسير نحو إعادة رسم ملامح الاقتصاد السعودي، عبر مزيج من الرقمنة والتمويل البديل، بما يضمن خلق بيئة أكثر مرونة وابتكارًا قادرة على مواجهة تحديات المستقبل وتحقيق التوازن بين التنمية الوطنية وجذب الاستثمارات العالمية.