مشروع تعديل نظام المرور يشعل الجدل.. تغييرات كبرى تترقبها الطرق السعودية

في خطوة لافتة تعكس التوجه نحو تحديث المنظومة المرورية في المملكة، طرحت وزارة الداخلية مشروعًا جديدًا يهدف إلى تعديل نظام المرور بما ينسجم مع تطلعات التنمية الوطنية ورؤية المملكة 2030. المشروع جاء عبر منصة "استطلاع" التابعة للمركز الوطني للتنافسية، وهي القناة الرسمية التي تتيح للجهات الحكومية والقطاع الخاص والمواطنين إبداء آرائهم قبل إقرار أي أنظمة أو لوائح جديدة، مما يمنح هذه الخطوة بعدًا تشاركيًا يرسخ مبدأ الشفافية في صياغة التشريعات.
ويُعتبر هذا المشروع واحدًا من بين 21 مشروعًا اقتصاديًا وتنمويًا تم طرحها بالتعاون مع 14 جهة حكومية، الأمر الذي يعكس حجم التغيرات المنتظرة في البنية التشريعية والتنظيمية داخل المملكة.
إقرأ ايضاً:اشتراطات جديدة صارمة لمكاتب تأجير النقل والمواقف بالسعودية خطوة حاسمة نحو بيئة حضرية آمنة صدمة للمستفيدين.. هل رفض تمكين الوظائف يهدد استحقاق الضمان الاجتماعي بالسعودية؟
وبالنظر إلى تفاصيل التعديلات المقترحة، فإن وزارة الداخلية تسعى لتوحيد جهة الاختصاص والمرجعية في متابعة تشغيل محطات الأوزان الخاصة بالمركبات، مع فرض قيود جديدة على شاحنات نقل البضائع، بما يضمن التزامها بالقوانين الحالية واللوائح المنظمة للحركة على الطرق.
ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل يتضمن المشروع مراجعة شاملة لقيم المخالفات المرورية لتصبح أكثر ارتباطًا بالأثر والتكاليف المترتبة على جودة الطرق وسلامتها، وهو ما يعني أن الغرامات الجديدة لن تكون مجرد عقوبة مالية، بل أداة مباشرة لحماية البنية التحتية من التدهور، وضمان سلامة مستخدمي الطريق في الوقت ذاته. هذه الخطوة تأتي استجابة للتحديات المتزايدة التي تواجه قطاع النقل مع التوسع العمراني والاقتصادي الذي تشهده المملكة، ما يستدعي أنظمة أكثر صرامة وعدالة.
ومن زاوية أخرى، يبرز المشروع كجزء من سلسلة إصلاحات تنظيمية طرحتها مؤسسات الدولة في الفترة الأخيرة عبر منصة "استطلاع"، مثل تحديث الاشتراطات البلدية لمراكز خدمات النقل، ومشروع التحكيم، وغيرها من المبادرات التي تعزز الإطار القانوني والتنظيمي. جميع هذه التحركات تؤكد أن المملكة تسعى لتهيئة بيئة عمل حديثة قادرة على استيعاب النمو السريع وضمان التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على السلامة العامة.
ومع اقتراب موعد إغلاق الاستطلاع في 28 أكتوبر 2025، تترقب الأوساط الاقتصادية والمرورية حجم التفاعل الذي سيشهده المشروع، خصوصًا أن المشاركة في هذه المنصة تمنح أصحاب المصلحة فرصة نادرة للتأثير المباشر في صياغة القرارات المستقبلية. كما أن إشراك المواطنين والقطاع الخاص في هذه العملية يعزز الإحساس بالمسؤولية المشتركة تجاه النظام المروري الجديد، ويخلق حالة من التوافق المجتمعي على التغييرات المرتقبة.
ويُتوقع أن يكون لهذه التعديلات انعكاس إيجابي على السلامة المرورية، وتقليل الحوادث، وتحسين تجربة مستخدمي الطرق. كما ستسهم في تعزيز النظام المروري كجزء لا يتجزأ من التنمية الاقتصادية وركيزة أساسية في تحسين جودة الحياة. وبالنظر إلى الرؤية الأشمل، فإن نجاح هذا المشروع سيمثل نقلة نوعية في إدارة قطاع النقل، ويضع المملكة في مصاف الدول التي تتبنى أحدث الممارسات العالمية في إدارة المرور.