في خطوة وصفت بأنها الأضخم في تاريخ سوق العمل الخليجي، أعلنت المملكة العربية السعودية رسميًا عن تنفيذ إصلاحات شاملة لنظام الكفالة، لتبدأ بذلك مرحلة جديدة تعيد رسم ملامح العلاقة بين أصحاب العمل والمقيمين على أراضيها.
هذا القرار الذي أثار تفاعلًا عالميًا واسعًا يأتي ضمن مستهدفات رؤية السعودية 2030، الهادفة إلى تطوير بيئة العمل ورفع مستوى حقوق العاملين بما يتناسب مع المعايير الدولية.
إقرأ ايضاً:موسم الرياض 2025.. كيف يسهم الترفيه في تحفيز الاقتصاد الوطني وخلق فرص غير مسبوقةتحذير عالمي من هجوم جديد يحول متصفحات الذكاء الاصطناعي إلى أدوات تجسس خطيرة
وبموجب النظام الجديد، أصبح أكثر من 13 مليون مقيم في المملكة يتمتعون بحرية غير مسبوقة في التنقل واختيار الوظائف وتغيير جهة العمل بعد انتهاء عقودهم دون الحاجة إلى موافقة الكفيل، وهو ما يمثل نقلة نوعية في حياة العمالة الوافدة. كما تم إلغاء القيود السابقة المتعلقة بالسفر، بحيث يمكن للمقيمين مغادرة المملكة أو العودة إليها دون الرجوع إلى جهة العمل، مما يمنحهم حرية أكبر في إدارة شؤونهم الشخصية والمهنية.
وتعليقًا على القرار، عبّرت فاطمة، وهي ممرضة فلبينية تعمل في أحد المستشفيات الكبرى بالرياض، عن سعادتها قائلة: "لأول مرة منذ سنوات، أستطيع أن أزور أطفالي بحرية دون قيود أو انتظار موافقة الكفيل، هذا حلم تحقق لنا جميعًا." هذا النوع من التفاعل الإنساني يعكس حجم الأثر الاجتماعي والاقتصادي لهذه الإصلاحات.
ويؤكد خبراء الاقتصاد أن إلغاء نظام الكفالة سيسهم في رفع إنتاجية سوق العمل بنسبة تتجاوز 30% خلال السنوات المقبلة، فضلًا عن جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، نظرًا لتحسن بيئة العمل واستقرارها. كما يرون أن السعودية تسير بخطى واثقة نحو بناء نموذج جديد يوازن بين حقوق العامل وصاحب العمل بطريقة عادلة ومستدامة.
من جهة أخرى، يشير محللون إلى أن هذا القرار التاريخي قد يكون بداية لتوجه خليجي عام نحو مراجعة الأنظمة المشابهة، حيث يُتوقع أن تحذو دول أخرى حذو السعودية في السنوات القادمة. ويعتبر العديد من المراقبين أن إسقاط نظام الكفالة في المملكة يمثل لحظة فاصلة تشبه “سقوط جدار برلين” في المجال الحقوقي والاقتصادي العربي، لما يحمله من تأثيرات عميقة على حياة الملايين.
بهذه الخطوة الجريئة، تضع السعودية نفسها في مقدمة الدول الساعية إلى تحرير سوق العمل وخلق بيئة أكثر انفتاحًا وإنسانية، ليصبح المستقبل الآن أكثر إشراقًا وحرية لكل من يعيش على أرضها.