في خطوة وصفت بالتاريخية والتحول الإداري الكبير، أعلنت المملكة العربية السعودية رسميًا عن إلغاء نظام لصق التأشيرات التقليدي في جوازات المواطنين اليمنيين، واستبداله بنظام إلكتروني يعتمد على رمز الاستجابة السريعة (QR Code). هذا القرار يمثل نقلة نوعية في تسهيل إجراءات الدخول والإقامة لأكثر من مليوني مقيم يمني في المملكة، حيث يُتوقع أن يوفر نحو 70% من الوقت والتكاليف المترتبة على المعاملات الورقية السابقة.
إقرأ ايضاً:تعليم تبوك يعلن بدء التسجيل في مسابقة القرآن الكريم لجميع الطلاب والطالباتالأحوال المدنية توضح مدة صلاحية سجل الأسرة في السعودية وطريقة تحديثه
تبسيط الإجراءات وسهولة التنقل
القرار الجديد يأتي ثمرة سنوات من التنسيق بين السلطات السعودية والسفارة اليمنية في الرياض، بهدف تسهيل إجراءات الحصول على التأشيرات وتحسين تجربة العمالة اليمنية المقيمة. النظام الإلكتروني الجديد يتيح لحاملي التأشيرات من اليمنيين التنقل بحرية دون الحاجة إلى لصق التأشيرة داخل جواز السفر، بما يتوافق مع رؤية المملكة للتحول الرقمي في جميع مؤسساتها الحكومية.
بعد إنساني وسياسي
ينظر إلى هذا القرار على أنه يحمل أبعادًا إنسانية وسياسية مهمة، إذ يعكس عمق العلاقات التاريخية بين السعودية واليمن، ويؤكد التزام المملكة بدعم الجالية اليمنية في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها بلادهم. ويُعد النظام الجديد خطوة عملية لتسهيل الحياة اليومية للعمالة اليمنية داخل المملكة.
ردود الفعل من الميدان
سرعان ما عمّت أجواء الفرح بين الجالية اليمنية بعد الإعلان الرسمي، حيث ارتفعت أصوات التكبير والمباركات في الأحياء اليمنية، وانتشرت رسائل التهاني عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
أحمد العلوي، عامل بناء يمني في الـ35 من عمره، عبّر عن فرحته قائلاً: "كنت أدفع مبالغ كبيرة سنويًا لإتمام إجراءات التأشيرة، واليوم أشعر بأن عبئًا ثقيلًا زال عن كاهلي". أما فاطمة المحدار، ممرضة يمنية في جدة، فقالت: "لم أكن أتخيل أنني سأتمكن من زيارة عائلتي بسهولة بعد اليوم، هذا القرار أعاد لي الأمل".
التأثير الاقتصادي للقرار
يرى الخبراء أن هذا التغيير الإداري له أبعاد اقتصادية ملموسة، حيث يقلل من النفقات السنوية على الأسر اليمنية في المملكة بما يعادل راتب شهرين تقريبًا، ويُتوقع أن يزيد من التحويلات المالية إلى اليمن، مما ينعكس إيجابًا على الاقتصاد اليمني.
كما يشير محمد البكري، تاجر يمني في الرياض، إلى أن القرار يمنح رجال الأعمال والعمال حرية أكبر في التنقل والتخطيط لمشاريعهم، ويعزز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي للجالية اليمنية.
خطوة ضمن إصلاح شامل
يُعد النظام الجديد امتدادًا للإصلاحات الإدارية الكبرى التي شهدتها المملكة، مثل إلغاء نظام الكفالة في 2021، وتحسين أوضاع العمالة الوافدة. وأكد الدكتور سالم الحضرمي، خبير الشؤون الخليجية، أن التحول نحو التأشيرات الإلكترونية لليمنيين يعكس التزام المملكة بتوفير بيئة أكثر استقرارًا وإنسانية للجالية اليمنية، ويُعد استثمارًا طويل الأمد في العلاقات الثنائية بين البلدين.
التطبيق والإرشادات
تشهد السفارة اليمنية في الرياض إقبالًا كبيرًا من المواطنين الراغبين في معرفة آلية التطبيق والإجراءات المطلوبة للاستفادة من النظام الجديد. وقد دعت الجهات الرسمية اليمنيين للتواصل مع السفارة أو القنصلية للحصول على التوجيهات الدقيقة، خاصة فيما يتعلق بتحديث بياناتهم الإلكترونية.
آفاق مستقبلية
هذا القرار يمثل بداية مرحلة جديدة من التحول الرقمي والإداري في المنطقة، ومن المتوقع أن تلهم التجربة السعودية دول الخليج الأخرى لاعتماد أنظمة مماثلة لتسهيل إجراءات السفر والإقامة للوافدين.
مع تزايد الإشادات داخليًا وخارجيًا، يتضح أن العلاقات السعودية اليمنية تدخل مرحلة أكثر نضجًا وتعاونًا، مبنية على الثقة والمصالح المشتركة، ويطرح السؤال: هل سيكون هذا القرار خطوة أولى لمزيد من التسهيلات المستقبلية التي تعيد رسم خريطة العلاقات الخليجية-اليمنية على أسس شاملة وإنسانية؟