" صدمة في المجتمع السعودي: ظاهرة تصوير الحوادث تهدد الضمير والكرامة الإنسانية | السعودية ويب
 ظاهرة تصوير الحوادث
صدمة في المجتمع السعودي: ظاهرة تصوير الحوادث تهدد الضمير والكرامة الإنسانية
كتب بواسطة: سماح عبده |

في تطور صادم يهدد القيم الإنسانية، ظهرت ظاهرة تصوير الحوادث المرورية ونشر مقاطع المصابين في لحظات ضعفهم. يسعى البعض وراء الشهرة على وسائل التواصل الاجتماعي، مستغلاً مآسي الآخرين. الغرامات المالية والعقوبات القانونية أصبحت هائلة، إذ تصل قيمة الغرامة إلى 500,000 ريال مع السجن سنة كاملة، وهو مبلغ يعادل ميزانية مستشفى كامل لسنة أو راتب موظف متوسط لمدة سنتين.
إقرأ ايضاً:

تحذير عاجل من الزعاق: 65 يوماً من البرد القارس تنتظر السعوديينثورة في النقل باليمن: طريق العبر الجديد يختصر ساعتين إلى 30 دقيقة

خبراء المجتمع يحذرون من أن كل تأخير في وقف هذه الظاهرة يؤدي إلى زيادة الألم النفسي لأسر الضحايا. الأمر لا يقتصر على العقوبات القانونية، بل يمتد تأثيره ليشمل شعور الخوف وعدم الأمان لدى الناس، مما يضعف قيم التعاطف والمساعدة بين أفراد المجتمع.

قصص واقعية تكشف حجم الأزمة

أم خالد، 45 سنة، واجهت تجربة صادمة عندما شاهدت مقطعاً لابنها المصاب في حادث مروري عبر واتساب قبل أن تصل للمستشفى. هذه الحادثة ليست منعزلة، فهي تتكرر يومياً في المجتمع، بينما تشهد مواقع التواصل مشاهد صادمة لمصابين وسط أصوات الكاميرات وصراخ الألم.

الأرقام تكشف خطورة الظاهرة، إذ يمكن أن يدفع شخص واحد مبلغاً خيالياً يصل إلى 10 ملايين ريال نتيجة نشره لمقطع حادث، وهو مبلغ يعادل ميزانية مستشفى كامل لسنة. هذه الحوادث المتكررة تؤكد ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف الانتهاكات المستمرة للكرامة الإنسانية.

الأبعاد النفسية لتصوير الحوادث

د. محمد الشريف، أستاذ علم النفس، يؤكد أن تصوير الحوادث يضاعف الصدمات النفسية للضحايا وأسرهم. رؤية المصابين في لحظات ضعفهم، ونشر هذه المشاهد على منصات التواصل، تسبب صدمة إضافية قد تستمر لفترات طويلة، وتؤثر على الصحة النفسية للأهالي والمجتمع بشكل عام.

هذه الظاهرة تُشبه إلى حد ما نشر صور الموتى في الحروب القديمة، لكن الفرق هنا أن الهدف ليس إيصال رسالة بل البحث عن الشهرة المؤقتة والمشاهدات العالية على الإنترنت.

القانون السعودي يواجه الانتهاكات

المحامي سعد النمر، الذي نجح في إغلاق 15 حساباً تنشر مقاطع الحوادث، يحذر من أن القانون السعودي صارم تجاه انتهاك الكرامة الإنسانية. الغرامة المالية تبدأ من 1000 ريال لتصوير الأشخاص بدون إذن وتزداد إلى 2000 ريال عند التكرار، وهو مبلغ يمكن استخدامه في شراء هاتف جديد بدلاً من تصوير الحوادث المحظور.

الوعي الديني والاجتماعي يلعب دوراً محورياً في مواجهة هذه الظاهرة، حيث تؤكد الآية الكريمة: "وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا"، ما يضع المساءلة الشرعية على كل من يرى ويصور دون وجه حق.

التأثير على الحياة اليومية

التأثير السلبي لا يقتصر على الجانب القانوني والنفسي فقط، بل يمتد ليؤثر على سلوك المجتمع اليومي. خوف الناس من تصوير الحوادث يضعهم في حالة ترقب مستمرة، وتتراجع قيم التعاطف والمساعدة بين الأفراد.

أحمد المطيري، شاب في العشرينيات من عمره، يعترف بندمه: "كنت أصور الحوادث للمشاهدات حتى رأيت دموع أم مصاب." هذه الاعترافات تعكس الحاجة الماسة لزيادة الوعي المجتمعي والتأكيد على أهمية الكرامة الإنسانية فوق أي رغبة في الشهرة المؤقتة.

خطوات الحل والتوعية المستقبلية

الحل يبدأ بوقف فوري للسلوكيات المحظورة شرعاً ونظاماً، والتحول نحو مجتمع يحترم الكرامة الإنسانية ويقدم المساعدة بدلاً من التصوير. كما أن المستقبل يحمل أمل تطوير تقنيات ذكية لمنع نشر هذه المقاطع تلقائياً، بجانب حملات توعوية قوية وفعالة تستهدف كل فئات المجتمع.

الداعية فهد السليمان يحذر منذ سنوات من استخدام وسائل التواصل كأدوات لانتهاك الكرامة، مؤكداً أن "الكرامة الإنسانية أهم من مليون مشاهدة".

في النهاية، الاختيار أمام كل فرد واضح: هل ستكون الشخص الذي يقدم المساعدة للمصابين، أم الذي يسعى وراء المشاهدات؟ القانون والمجتمع لن يرحم من يختار الطريق الخاطئ.

أحدث الأخبار
اخر الاخبار