كشف خبير الطقس والمناخ عبدالعزيز الحصيني أن يوم غدٍ السبت يمثل نقطة تحول حقيقية في أجواء المملكة، مع بداية ظهور نجم القلب، وهو ثاني نجوم المربعانية، والذي يستمر لمدة 13 يومًا متواصلة.
ويُعد طلوع هذا النجم فلكيًا ومناخيًا مؤشرًا واضحًا على دخول الشتاء الفعلي، حيث تبدأ خلاله أشد فترات البرودة التي اعتاد عليها سكان الجزيرة العربية عبر التاريخ.
إقرأ ايضاً:
وأوضح الحصيني أن هذه المرحلة تُعرف شعبيًا وبشكل واسع باسم برد الانصراف، وهي الفترة التي تلي الانصراف الفلكي للشمس وتتميز بانخفاض ملحوظ في درجات الحرارة، خاصة خلال ساعات الليل والفجر.
تعامد الشمس وبداية الشتاء فلكيًا
أشار الحصيني إلى أن ظهور نجم القلب يتزامن مع حدث فلكي مهم، يتمثل في تعامد الشمس على مدار الجدي، وهو ما يُعد الإعلان الرسمي لدخول فصل الشتاء في النصف الشمالي من الكرة الأرضية. وخلال هذه الفترة، تصل ساعات الليل إلى أطول مدة لها خلال العام، بينما تسجل ساعات النهار أقصر أوقاتها، قبل أن تبدأ تدريجيًا بالزيادة بعد ذلك.
ويُعد هذا التغير الفلكي سببًا رئيسيًا في اشتداد البرودة، حيث تقل زاوية سقوط أشعة الشمس، ما يؤدي إلى انخفاض الإشعاع الشمسي الواصل إلى سطح الأرض، وبالتالي تراجع درجات الحرارة بشكل واضح.
وصف العرب لبرد نجم القلب
لفت الحصيني إلى أن العرب قديمًا أولوا اهتمامًا كبيرًا بالنجوم ومواسمها، وربطوا بينها وبين التغيرات المناخية والزراعية، وتركوا لنا وصفًا دقيقًا لهذه المرحلة. ومن أشهر ما قيل عن نجم القلب: "إذا طلع القلب امتنع العذب، وجاء الشتاء كلكلب، وصار أهل البوادي في كرب".
ويعكس هذا الوصف الشعبي شدة البرودة المصاحبة لهذه الفترة، حيث كانت تمثل تحديًا حقيقيًا لسكان البادية، سواء في التنقل أو توفير الماء والغذاء. كما اشتهر بين العرب قولهم: "لا برد إلا بعد الانصراف"، في إشارة إلى أن البرودة الحقيقية تبدأ مع دخول هذه المرحلة تحديدًا.
لماذا يُسمى برد الانصراف؟
يُطلق مصطلح برد الانصراف على هذه الفترة لأنها تأتي بعد انصراف الشمس ظاهريًا عن الارتفاع اليومي، لتبدأ مرحلة الانخفاض الحراري الحاد. وخلال هذه الأيام، تتكرر موجات البرد القارس، خاصة في المناطق الشمالية والوسطى، وتزداد فرص تشكل الصقيع في بعض المناطق المكشوفة، لا سيما في ساعات الليل المتأخرة والصباح الباكر.
ويؤكد الحصيني أن هذه المرحلة تتطلب الحذر، خاصة لكبار السن والأطفال، مع ضرورة الالتزام بوسائل التدفئة المناسبة وارتداء الملابس الشتوية الثقيلة.
نجم القلب والزراعة الموسمية
إلى جانب تأثيره المناخي، أوضح الحصيني أن نجم القلب يُعد من النجوم اليمانية، ويُعتبر توقيته مناسبًا لزراعة عدد من المحاصيل الزراعية. وتشمل هذه المحاصيل بعض الحبوب والخضراوات التي تتحمل البرودة، مثل البطاطس، والعدس، والفول، والحلبة، حيث تساعد درجات الحرارة المنخفضة على تحسين نموها خلال هذه الفترة.
وكان المزارعون قديمًا يعتمدون على طلوع هذا النجم لتحديد مواعيد الزراعة المناسبة، مستفيدين من خبرات تراكمت عبر أجيال طويلة.
الظواهر المصاحبة لنجم القلب
أضاف الحصيني أن هذه الفترة تشهد عددًا من الظواهر الطبيعية المصاحبة، من أبرزها هجرة الأوز الشتوي، وهي علامة موسمية معروفة على دخول الأجواء الباردة. كما تزداد خلال هذه الأيام الحاجة إلى التدفئة، ويقبل الناس على المشروبات الساخنة، في ظل الانخفاض الملحوظ في درجات الحرارة ليلًا ونهارًا.
ويُتوقع أن تستمر الأجواء الباردة طوال مدة نجم القلب، قبل الانتقال لاحقًا إلى النجوم التالية التي تحمل خصائص مناخية مختلفة، لكنها تظل ضمن نطاق الشتاء.
تحذيرات ونصائح مع دخول المرحلة الأبرد
مع بداية نجم القلب وبرد الانصراف، شدد الحصيني على أهمية متابعة تقارير الطقس اليومية، خاصة مع احتمالية تسجيل درجات حرارة منخفضة بشكل مفاجئ في بعض المناطق. كما نصح باتخاذ الاحتياطات اللازمة لحماية المزروعات والمواشي، والحرص على استخدام وسائل التدفئة الآمنة داخل المنازل، لتفادي المخاطر المرتبطة بالبرد الشديد.
وبدخول هذه المرحلة، تكون المملكة قد دخلت فعليًا في قلب الشتاء، حيث تبدأ أكثر أيامه برودة وتأثيرًا على الحياة اليومية، وفق ما أكده خبير الطقس والمناخ عبدالعزيز الحصيني.