العادات السعودية الرائعة والمميزة في ايام عيد الأضحى المبارك

كتب بواسطة: فائزة بشير | نشر في

تجتمع ملامح الاحتفاء بعيد الأضحى في المملكة العربية السعودية في فسيفساء مدهشة تمزج الروحانية بالعادة والتقاليد العريقة، وتبرز فيها دلالات التضحية، والتكافل، والفرح الأسري والاجتماعي، برؤية نابعة من قيم دين وثقافة.

في أول يوم من أيام العيد تحلّ روحانية الصلاة فجراً، فالرجال يتزينون بالثياب البيضاء، ويستخدمون العود كعطر يُميّز مقارهم، ليخرجوا إلى الساحات والمساجد الكبيرة لأداء صلاة العيد، حيث تتعالى فيها تكبيرات "الله أكبر" في أجواء روحانية موحدة، بما فيها الأماكن المقدسة مثل الحرم المكي والمسجد النبوي، وتتميز بخطب مترابطة تذكر بأهمية التضحية والطاعة المستلهمة من قصة إبراهيم عليه السلام .
إقرأ ايضاً:مجلس الشورى يدعم تسريع إجراءات المطالبات التأمينية ويستعرض استراتيجيات التنمية الوطنية جستنيه يربك جماهير الاتحاد بتغريدة غامضة.. إشارات صراع نفوذ خلف الكواليس

وبعد الصلاة، ينتقل السعوديون إلى منازل كبار العائلة أو إلى البيوت التي اختيرت للعزائم، حيث يجتمعون في أجواء تمرّ بالدفئ والألفة، ويتبادلون التهاني بعبارات مثل "عساكم من عواده"، ويصطحبون معهم أبسط مظاهر الفرح من قبل الأطفال الذين يحملون سلال الحلوى والتمر للتوزيع على المصلين، فتسود أجواء البهجة والمحبة بين الجميع.

وفي خطوة تجتمع معها الرؤية الاجتماعية والدينية، يبدأ الإحياء الفعلي لطقوس العيد بذبح الأضحية، والتي يمكن أن تكون من الذبائح كالخراف والماعز والأبقار والجمال، وفق ما تسمح به الشريعة، وتُقسم اللحوم إلى ثلاثة أقسام: الأول للعائلة، والثاني للأقارب والأصدقاء، والثالث للأشخاص المحتاجين، بما يعزز روح التكافل الاجتماعي والتعاطف مع الفقراء.

ومع انتهاء عملية الذبح، تُقام مناسبات الطهي الشعبي السعودي، فتظهر روائع المطبخ السعودي التقليدي مثل والهريس، والمرقوق، والمصّابيب، والمراهيف، والمراصيع، كما تُعدّ أطباق تتضمّن لحوم الأضحية، فتتحول الموائد إلى عراقة ضيافة اجتماعية تجمع الأهل والجيران في جلسة تتجاذبها الحديث والضحكات والألفة.

ولا يقتصر العيد على الداخل فحسب، بل ينتقل إلى النوادي والحدائق العامة، التي تصبح خزاناً للحياة الاحتفالية خلال العطل الرسمية، فتُقام عروض أنشطة شعبية، وألعاب للأطفال، ومهرجانات، حتى يمتزج جوّ المدينة بروح العيد المبهجة.

يتميز العيد السعودي أيضاً بالعادات الفلكلورية التي تزدان بالرقص والحركة، مثل "العرضة" التي يجتمع فيها الرجال صفوفاً حاملين السيوف أو العصي، ويرددون الأشعار، و"المزمار" في منطقة الحجاز، بحيث تُكسر كل هوة اجتماعية وتظهر الوحدة في التراث، فتكتسب الفلكلور السعودي حضوراً قوياً في موسم الحج والعيد على حدّ سواء .

ومما يميز العيد في السعودية هو ما يُعرف بـ"العيدية"، وهي عادة توارثتها الأجيال حيث يحضر الأطفال في ليلة العيد أو في صباحه لتسلم هدايا نقدية أو عينية تعبيراً عن المحبة، وتكون مصدر فرح كبير لهم، إضافة إلى تجهيز النساء للزينة بتطريز الحناء على أيديهم، مما يضفي جمالية متوارثة في المناسبات الخاصة.

وعندما يتعلق الأمر بلباس العيد، يرتدي الرجال الثوب السعودي الأنيق ذات اللون الأبيض غالباً، بينما ترتدي النساء العباءة التقليدية، ويحضر هنا المزج بين الأصالة والحداثة، وقد تلعب الأسواق الشعبية مثل سوق الثميري دوراً بارزاً لاستقبال الزبائن الباحثين عن أرقى الملابس المحتشمة والأنيقة، فتنشط الحركة الشرائية قبل العيد بكثافة.

تزامن هذا العام بين موسم الحج واحتفال عيد الأضحى، مما أكسب المملكة بعداً روحياً إضافياً، فالآلاف من الحجاج من حول العالم يصلون إلى المشاعر المقدسة ويؤدون مناسك رمي الجمرات وتقصير الشعر بعد موسم الوقوف بعرفة، لتسمو الروحانية، ثم يعودون إلى مدنهم ليكملوا احتفالات العيد في حضن العائلة السعودية.

ولا يغيب الجانب الاقتصادي المصاحب للعيد رغم لهيب الأسعار في بعض الأحيان، فالعائلات السعودية تواجه تحديات اقتصادية بإمكانها أن تؤثر على عدد الأضاحي أو مقدار الإنفاق، إلا أن الإيمان والعطاء لا يتراجعان، وتفتح المبادرات في الذبح والتوزيع أفقاً واسعاً للخير والوفاء، كما بدت الأسواق مزينة وتنشط الحركة قبل العيد بأيام، حيث تتسابق الأسر لتجهيز المنازل وتزيين شوارعها بالأضواء والزخرفات، ويعد هذا التقليد جزءاً أساسياً في الطقوس الاحتفالية .

الرواية اليومية عن عيد الأضحى في السعودية، نجدها لوحة متكاملة تسرد المحبة والتلاقي والتضحية وسط عبق التراث والروحانية؛ عيد يغرس القيم بانسجام بين الطقوس الدينية والعادات الاجتماعية، ويمزج الأصالة بالحداثة، والروح بالفعل، فيما تبقى المملكة قلباً نابضاً بالإيمان والعطاء والتواصل.

اقرأ ايضاً