"الغذاء والدواء" تضبط مواد غذائية فاسدة ومجهولة المصدر.. مخالفات صادمة في مصانع أغذية شهيرة

كتب بواسطة: محمد حازم | نشر في

واصلت الهيئة العامة للغذاء والدواء في المملكة العربية السعودية تنفيذ حملاتها الرقابية المكثفة خلال شهري أبريل ومايو من عام 2025، في إطار سعيها المستمر لحماية صحة المستهلك وضمان سلامة المنتجات المتداولة في الأسواق المحلية، وأسفرت تلك الجهود عن نتائج ميدانية لافتة، تمثلت في تنفيذ 5912 جولة رصد وتقصٍ في مختلف مناطق المملكة، شملت تفتيش 4307 منشآت غذائية وطبية وتجميلية.

وقد كشفت الهيئة أن تلك الجولات أسفرت عن ضبط 996 منشأة مخالفة للأنظمة والاشتراطات المعتمدة، وهو ما يعكس حجم التحدي في ضمان الامتثال الكامل للمعايير التنظيمية في القطاعات المستهدفة، واتخذت الهيئة قرارات حاسمة بحق المنشآت المخالفة، كان أبرزها إغلاق 136 منشأة لافتقارها التراخيص النظامية وارتكابها مخالفات تُعد مؤثرة بشكل مباشر على سلامة المنتجات المقدمة للمستهلك.
إقرأ ايضاً:دوري يلو يقترب من ضم الجناح البرازيلي الواعد جوستافو مايا قبل إغلاق الانتقالات احرص على تأمين مستقبلك: خطوات الاشتراك في نظام معاشات المصريين بالخارج

كما شملت الإجراءات إيقاف 127 خط إنتاج ثبت عدم التزامها بالمعايير الفنية والصحية اللازمة، وضبط وتحريز نحو 1750 صنفًا من المنتجات المخالفة، بعضها غير صالح للاستخدام أو يحمل بيانات مضللة، مما يعكس يقظة الفرق الرقابية ودقة المتابعة الميدانية التي تنتهجها الهيئة في تعاملها مع المخالفات.

وخلال إحدى الجولات التفتيشية، رصدت الهيئة منشأة غذائية تفتقر إلى أدنى معايير السلامة، حيث تبين وجود مواد أولية مجهولة المصدر، إضافة إلى تشغيل عدد من العمالة دون شهادات صحية، مع غياب تام لنظام التتبع وعدم تطبيق ضوابط منع التلوث الخلطي، ما شكل تهديدًا مباشرًا على صحة المستهلك، ودفع الهيئة إلى إغلاق المنشأة فورًا واتخاذ الإجراءات النظامية بحقها.

وفي السياق ذاته، كشفت الجولات عن مستودعات غير مرخصة تُستخدم لتخزين منتجات طبية منتهية الصلاحية، جرى العثور عليها في ظروف غير مطابقة لاشتراطات النقل والتخزين، مما أدى إلى مصادرة نحو 313,789 منتجًا طبيًا، ضمن خطة شاملة لضمان عدم تسربها إلى الأسواق المحلية أو استخدامها من قبل المستهلكين دون علم بحقيقتها.

كما رصدت الهيئة مخالفات خطيرة داخل أحد مصانع الأغذية، حيث تبين غياب شهادة سلامة الغذاء المعروفة باسم "الهاسب"، وتكدس اللحوم في ثلاجات غير مخصصة، وظهور علامات الفساد على لحوم معتقة، إلى جانب تدني ملحوظ في مستوى النظافة، ووجود عبوات عليها تواريخ إنتاج متضاربة، فضلًا عن تشغيل عمال دون مؤهلات صحية، وعلى إثر ذلك، تم ضبط نحو 2000 كيلوجرام من المنتجات الغذائية وتحويلها للفحص، تمهيدًا لاتخاذ العقوبات النظامية بحق المصنع.

وفي جولة رقابية مشتركة بالتعاون مع الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية، تم اكتشاف مخالفات داخل مصنع تحت الإنشاء، لم يحصل بعد على ترخيص من الهيئة، كما غابت فيه أنظمة سلامة الغذاء، وسُجلت ممارسات تصنيع عشوائية لا تتوافق مع الاشتراطات المقررة، وهو ما استدعى إغلاق المصنع وسحب جميع منتجاته احترازيًا حتى ظهور نتائج التحاليل المخبرية.

وأكدت الهيئة أن جميع هذه الإجراءات جاءت ضمن منظومة متكاملة للرقابة والتدخل السريع، وأنها تعتمد نهجًا لا يقبل التهاون مع أي تهديد يطال صحة وسلامة المواطنين والمقيمين، داعيةً جميع المنشآت إلى ضرورة الامتثال التام للأنظمة واللوائح المقررة والعمل على تحسين ممارساتها التصنيعية والتخزينية.

كما حثت الهيئة المستهلكين والمواطنين على التعاون من خلال الإبلاغ عن أي منشآت أو منتجات مشبوهة، وذلك عبر الرقم الموحد 19999، مشيدةً بالوعي المتنامي لدى المجتمع في الإبلاغ والمساهمة في حماية الصحة العامة، وداعية إلى تعزيز هذه الشراكة لحماية الأسواق من الممارسات المخالفة.

وأشادت الهيئة في الوقت نفسه بعدد كبير من المنشآت التي أثبتت التزامها الكامل، وحرصها على تطبيق المعايير والاشتراطات المعتمدة، وهو ما يمثل نموذجًا يُحتذى به في العمل المهني المسؤول، كما عبّرت عن ثقتها في أن حملاتها المستمرة ستثمر في تحسين جودة المنتجات ورفع مستوى الامتثال العام.

وبينما تتواصل هذه الحملات بوتيرة متصاعدة، تعكف الهيئة على تطوير أدواتها الرقابية واستخدام التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي ونظم التتبع الرقمية لرصد المخالفات بشكل أكثر كفاءة، ما يعكس التزامها بالتحول الرقمي في أداء مهامها الحيوية.

ويُنتظر أن تسهم هذه الجهود في تقليص نسبة المخالفات مستقبلاً، وخلق بيئة تنافسية صحية تضمن توفير منتجات آمنة وذات جودة عالية في السوق السعودي، لا سيما مع التوسع الكبير في القطاعات الغذائية والصحية والتجميلية.

وتؤكد الهيئة أن حماية المستهلك ليست مجرد مسؤولية حكومية، بل هي واجب مشترك يستلزم تعاون الجميع، بدءًا من المصنعين والموزعين وحتى المستهلكين، للوصول إلى سوق موثوقة وصحية تواكب تطلعات رؤية المملكة 2030 في تحسين جودة الحياة وتعزيز الأمن الغذائي والدوائي.

اقرأ ايضاً