تحتضن منطقة الجوف مجموعة فريدة من المواقع الأثرية التي تعكس حضارة تمتد لآلاف السنين، وتجذب عشاق التاريخ والباحثين عن عجائب الماضي. تتميز المنطقة بتنوعها الثقافي والمعماري الذي يعكس تطور الحضارات المختلفة على مر العصور، ويجعلها وجهة أساسية للمهتمين بالآثار والتراث.
إقرأ ايضاً:السعودية تفتح الباب لفرصة استثنائية عام 2025.. برنامج جديد يغيّر قواعد الإقامة للأبدقفزة جنونية في قلب الرياض.. محل صغير يتحول إلى ثروة بملايين الريالات خلال 3 عقود!
بئر سيسرا.. نافذة على الحقبة النبطية
يعد بئر سيسرا في مدينة سكاكا أحد أبرز المعالم التاريخية في الجوف، حيث نُحت في الصخر منذ الحقبة النبطية بين القرن الأول قبل الميلاد والقرن الأول الميلادي. يصل عمق البئر إلى 15 مترًا، ويتميز بفتحة شرقية تغذي المزارع عبر قناة مائية منحوتة في الصخر، ما يعكس براعة القدماء في استغلال الموارد المائية وحسن تصميم المنشآت. زيارة هذا البئر تمنح الزوار فرصة للتعرف على مهارات النحت والهندسة في العصور القديمة والتأمل في أساليب الحياة التي اعتمدت على التوازن بين البيئة والطبيعة.
أعمدة الرجاجيل.. شواهد على الإبداع البدائي
يمثل موقع أعمدة الرجاجيل جنوب سكاكا نموذجًا فريدًا للعمارة الرمزية القديمة، إذ يضم حوالي 50 عمودًا رمليًا يصل ارتفاع بعضها إلى 3 أمتار، ويعود تاريخه إلى نحو 6500 عام. يلفت هذا الموقع الانتباه لشكل الأعمدة الذي يبدو للناظر وكأنه مجموعة من الرجال، ما يعكس رمزية فنية وثقافية مهمة. يُعد الموقع من أهم الأماكن التي تجمع بين البعد التاريخي والمعاني الرمزية التي تركها الإنسان القديم، ويتيح للزوار فرصة استكشاف طرق التفكير والتعبير الفني في العصور الحجرية.
نحت الجمل.. تحف فنية بقدرة الإنسان القديمة
يعد موقع نحت الجمل شرق سكاكا من أندر المواقع عالميًا لنحت الحيوانات بالحجم الطبيعي، حيث يضم 21 نحتًا صخريًا بينها 17 لنحت الجمال، تعود لفترة ما بين 5600 – 5200 سنة قبل الميلاد. هذا الموقع يمثل أحد أقدم الشواهد على الإبداع البشري في النحت ويتيح للزوار فرصة فريدة للتعرف على أساليب الفن والتوثيق الطبيعي للحيوانات في العصور القديمة. يُبرز الموقع قدرة الإنسان على التعبير الفني والواقعي عبر الحجر، ويجعل من الجوف مركزًا مهمًا لدراسة الفن البدائي.
تسعى هيئة التراث إلى إبراز هذه المواقع التاريخية عبر تنظيم فعاليات وبرامج تعريفية للزوار والمهتمين، مع العمل المستمر على صيانتها وتطويرها لضمان حمايتها وتعزيز حضورها عالميًا، بما يسهم في دعم الاقتصاد المحلي والحراك الثقافي وفق رؤية المملكة 2030، ويحفز السياحة التاريخية والثقافية. هذه الكنوز العريقة تجعل من الجوف وجهة استثنائية لكل من يريد التعمق في الحضارات القديمة واستكشاف أسرار الماضي.