386 برنامجًا تقنيًا يشعلون سباق التوظيف.. كيف تهيئ السعودية خريجيها لغزو سوق العمل في 2025؟

في خطوة تعكس جدية المملكة في تمكين الشباب وربط التعليم التقني المباشر بسوق العمل، نفذت المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني خلال النصف الأول من عام 2025 ما يقارب 386 برنامجًا نوعيًا، استهدفت من خلالها خريجي وخريجات الكليات التقنية والمعاهد، بهدف صقل مهاراتهم وتزويدهم بالأدوات العملية التي تمكّنهم من الاندماج السريع والفعّال في بيئات العمل المختلفة. هذه البرامج لم تكن مجرد محاضرات أو ورش تدريبية تقليدية، بل صُممت بعناية لتلائم احتياجات السوق المتغيرة وتنسجم مع متطلبات رؤية المملكة 2030 التي تضع الإنسان في قلب التنمية.
وأوضح المتحدث الرسمي للمؤسسة، فهد العتيبي أن المؤسسة لا تكتفي بمجرد إعداد الخريجين أكاديميًا، بل تركز على خلق جسور عملية تربطهم مباشرة بأصحاب الأعمال. ومن هنا جاءت المبادرات المتنوعة التي تضمنت إقامة 225 ملتقى ومعرضًا للتوظيف بالشراكة مع جهات مختلفة في القطاعين العام والخاص، وهو ما يفتح أمام الشباب آفاقًا واسعة للتواصل المباشر مع الشركات، واكتشاف الفرص المتاحة، وفهم طبيعة التحديات الحقيقية في الميدان.
إقرأ ايضاً:"قرار صادم من ليفاندوفسكي يقلب الطاولة.. هل اقتربت ساعة الرحيل المفاجئ لدوري روشن ؟"فضيحة تهز سوق الغذاء السعودي.. اكتشاف بكتيريا قاتلة وإغلاق عاجل لخمسة مصانع كبرى!
ولم يتوقف الدعم عند حدود المعارض، بل شهدت الفترة ذاتها انعقاد 628 لقاءً مباشرًا مع مديري الموارد البشرية في مؤسسات التوظيف المستهدفة. هذه اللقاءات أتاحت مساحة للنقاش حول ما يحتاجه السوق فعلًا من تخصصات ومهارات، لتكون المخرجات التعليمية أقرب ما تكون إلى الواقع العملي، بدلًا من الاكتفاء بالجانب النظري. وفي موازاة ذلك، أبرمت المؤسسة 58 مذكرة تفاهم مع شركاء استراتيجيين من القطاعين الحكومي والخاص، لتأمين مسارات توظيف فعلية للخريجين وضمان استدامة الفرص المتاحة لهم.
كما أن المؤسسة حرصت أيضًا على تبني نهج الشفافية والتطوير المستمر، إذ قامت بتحليل 902 استبانة لقياس رضا أصحاب العمل، و9390 استبانة أخرى لقياس رضا الخريجين أنفسهم عن البرامج المقدمة وآليات التنسيق الوظيفي. هذه الخطوة تعكس رغبة حقيقية في الاستماع إلى جميع الأطراف، ومعالجة الثغرات، وتطوير البرامج بما يتلاءم مع الملاحظات الواردة من الميدان، لتكون النتيجة النهائية مخرجات تعليمية أكثر جودة وكفاءات قادرة على المنافسة محليًا وإقليميًا.
إن هذه الجهود المتراكمة تمثل نقلة نوعية في طريقة إعداد وتأهيل الشباب السعودي، وتجعل من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني لاعبًا رئيسيًا في عملية التحول الوطني. فهي لا تكتفي بدور المزوّد بالمهارات، بل أصبحت شريكًا في بناء المسار الوظيفي للخريجين، عبر تمكينهم من دخول سوق العمل بثقة، وتعزيز ثقة أصحاب الأعمال فيهم بفضل التدريب الممنهج والدعم المؤسسي المستمر.
بهذا يمكن القول إن ما تحقق خلال نصف عام فقط يعد مؤشرًا قويًا على حجم الطموح، ويؤكد أن الاستثمار في الإنسان هو الخيار الاستراتيجي الأهم. ومع استمرار هذه المبادرات على مدار العام، ستزداد قدرة الخريجين على تلبية الطلب المتنامي في سوق العمل السعودي، بما يسهم في تعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني وتحقيق مستهدفات رؤية 2030.