أشعل تصريح وزير التعليم العالي في حكومة الوحدة الوطنية الليبية، عمران القيب، جدلًا كبيرًا داخل الأوساط الأكاديمية والطلابية، بعدما قال إن الجامعات الليبية أفضل من الجامعات الأجنبية علميًا. التصريح الذي أثار موجة من النقاش على مواقع التواصل الاجتماعي أعاد إلى الواجهة ملف الإيفاد للدراسة بالخارج، الذي يعد من أكثر الملفات حساسية في ليبيا لما يرتبط به من فرص تعليمية وتمويل حكومي مثير للجدل.
إقرأ ايضاً:الفالح: 675 شركة عالمية تختار الرياض مقراً إقليمياً ضمن طفرة الاستثمار في السعوديةالمملكة توقع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة السيبرانية وتعزز مكانتها العالمية في الأمن الرقمي
الخلفية والتصريح المثير للجدل
جاءت تصريحات الوزير ردًا على الانتقادات التي طالته بشأن عدم إيفاد الطلبة المتفوقين إلى الخارج لاستكمال دراساتهم العليا، حيث أكد أن الجامعات الليبية تمتلك كفاءات أكاديمية متميزة تجعلها تتفوق على كثير من الجامعات الأجنبية، مشيرًا إلى أن "خوض معركة الدكتوراه داخل ليبيا سيؤدي إلى إنتاج المعرفة وصناعة الأساتذة الوطنيين". وأوضح القيب أن الاستثمار في التعليم المحلي هو الطريق الأمثل لبناء القدرات البشرية دون الحاجة إلى إنفاق أموال الدولة في تمويل دراسات خارجية مكلفة، لافتًا إلى أن بعض الدول التي ترسل طلابها إلى الخارج لا تحقق نتائج علمية مؤثرة مقارنة بما تنتجه الكوادر الوطنية.
ردود الأفعال في الوسط الأكاديمي والطلابي
أثارت هذه التصريحات ردود فعل واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتبرها كثير من الأكاديميين والطلاب تبريرًا لحرمان المتفوقين من فرص الدراسة بالخارج. وكتب الأكاديمي الليبي حسن صالح الفسي منتقدًا الوزير، قائلاً إن الواقع لا يعكس كلامه، فالكثير من أقارب المسؤولين وأبناء الطبقة السياسية يدرسون في الجامعات الأجنبية المرموقة، في حين يُحرم المستحقون من الإيفاد الحقيقي. وأضاف أن التعليم في ليبيا يعاني من ضعف البنية التحتية وغياب بيئة البحث العلمي، ما يجعل المقارنة مع الجامعات الدولية غير واقعية. كما تساءل ناشطون عن مصداقية هذه التصريحات في ظل استمرار إرسال أبناء المسؤولين إلى الخارج، معتبرين أن الإصلاح لا يتحقق بالشعارات بل بتكافؤ الفرص والشفافية في إدارة ملف التعليم العالي.
إصلاح التعليم العالي وتحديات المرحلة المقبلة
يرى مراقبون أن الجدل الدائر يعكس الحاجة الماسة إلى إصلاح شامل لمنظومة التعليم العالي في ليبيا، بدءًا من تطوير المناهج والبنية التحتية مرورًا بتحسين مستوى الأساتذة والبحث العلمي، وصولًا إلى وضع معايير واضحة للإيفاد تضمن العدالة والمساواة بين جميع الطلبة. ويؤكد الخبراء أن الجامعات الليبية تمتلك طاقات بشرية واعدة يمكن أن تحقق قفزات كبيرة في حال توفرت لها الإمكانات والدعم الحكومي الكافي، مشيرين إلى أن مستقبل التعليم في البلاد يعتمد على مزيج من الإصلاح الداخلي والانفتاح الخارجي، لا على المفاضلة بينهما.
إن تصريحات الوزير، رغم الجدل الذي أحدثته، قد تكون فرصة لفتح نقاش وطني حول إصلاح التعليم العالي وبناء نظام أكاديمي قائم على الكفاءة والشفافية، بما يضمن أن تصبح الجامعات الليبية بالفعل منارات للعلم والتطور.