في خطوة تُعد تحولًا استراتيجيًا نحو المستقبل الرقمي، أعلنت تايلاند عن إدراج الذكاء الاصطناعي ضمن مناهجها الدراسية، بهدف إعداد جيل قادر على التفاعل مع التكنولوجيا الحديثة ومواكبة التحولات العالمية في مجالات التعليم والتقنية. وتأتي هذه المبادرة ضمن رؤية وطنية شاملة تهدف إلى جعل التعليم التايلاندي منصة لتخريج عقول قادرة على الإبداع والابتكار في عالم رقمي سريع التطور.
إقرأ ايضاً:رئيس مجلس الشورى يبحث دعم صناع المحتوى في السعودية وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاصتعديل نظام مقدمي خدمة حجاج الخارج: 9 قرارات جديدة تعزز كفاءة الخدمات وتنظم قطاع الحج
دمج الذكاء الاصطناعي في التعليم التايلاندي
تسعى الحكومة التايلاندية إلى إعادة هيكلة منظومتها التعليمية من خلال إدخال تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى الفصول الدراسية في جميع أنحاء البلاد. ويعمل مكتب الشؤون الأكاديمية والمعايير التعليمية على تطوير مناهج متخصصة تجمع بين المعرفة التقنية والمهارات الإبداعية، بما يتيح للطلاب فهم آليات الذكاء الاصطناعي واستخدامه في حياتهم الدراسية والعملية. كما تم إطلاق مشاريع تجريبية يشارك فيها أكثر من 60 ألف طالب و700 مدرسة لاختبار كفاءة المناهج الجديدة قبل تعميمها. وبحسب تصريحات المكتب، تم تدريب أكثر من مليوني معلم على استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في التعليم، وذلك بالتعاون مع عدد من الشركات التكنولوجية العالمية الرائدة، لضمان تحقيق التكامل بين المناهج التعليمية والتقنيات الرقمية الحديثة.
المواطن الرقمي بلس.. برنامج لإعداد المعلمين والطلاب للمستقبل
ضمن خطط تطوير التعليم، أطلقت تايلاند برنامجًا وطنيًا جديدًا تحت اسم المواطن الرقمي بلس، والذي يهدف إلى رفع كفاءة المعلمين في المجال الرقمي، ومساعدتهم على غرس مفاهيم الاستخدام الآمن والمسؤول للتكنولوجيا لدى الطلاب. ويركز البرنامج على تعزيز مهارات التفكير النقدي والابتكار لدى المتعلمين، إضافةً إلى تعليمهم كيفية التفاعل مع الأدوات الرقمية بطريقة تضمن الخصوصية وتحميهم من المخاطر الإلكترونية. وتعكس هذه الجهود توجه الدولة نحو بناء بيئة تعليمية رقمية متكاملة تُشجع على الابتكار، وتمنح الطلاب القدرة على المشاركة الفاعلة في الاقتصاد الرقمي العالمي.
رؤية تايلاند لتصبح مركزًا إقليميًا للذكاء الاصطناعي
تتطلع تايلاند من خلال هذه الخطوات إلى الانتقال من مرحلة المستهلك إلى مرحلة المبتكر في مجال الذكاء الاصطناعي، عبر إنشاء منظومة تعليمية وبحثية متكاملة تدعم تطوير التطبيقات التقنية محليًا. وتركز خطط الدولة على الاستثمار في البحث العلمي والتدريب التقني لتعزيز مكانتها كمركز إقليمي للذكاء الاصطناعي في جنوب شرق آسيا، بما يسهم في دعم الاقتصاد الوطني وخلق فرص عمل جديدة قائمة على المعرفة الرقمية. وتؤكد السلطات التعليمية أن دمج الذكاء الاصطناعي في التعليم يمثل بداية مرحلة جديدة تهدف إلى تمكين الطلاب من المهارات المستقبلية التي تتطلبها سوق العمل العالمية، ما يجعل تايلاند نموذجًا يحتذى به في المنطقة.
توضح تجربة تايلاند أن الاستثمار في التعليم الذكي ليس رفاهية، بل ضرورة وطنية لضمان تنافسية الأجيال القادمة في عالم تقوده التكنولوجيا والابتكار بوتيرة متسارعة.