في ظل التحولات العالمية المتسارعة نحو الاقتصاد الرقمي، تواصل السعودية تنفيذ رؤيتها الطموحة لبناء اقتصاد متنوع ومستدام بعيدًا عن الاعتماد على النفط. ويأتي الذكاء الاصطناعي في صميم هذه الاستراتيجية، باعتباره المحرك الرئيس لاقتصاد المستقبل وأحد أهم ركائز التحول الوطني. ومع إطلاق مشاريع ضخمة في مجالات التقنية والبيانات والطاقة الذكية، تسعى المملكة لتصبح مركزًا عالميًا لتقنيات الذكاء الاصطناعي، مستهدفة مكاسب اقتصادية قد تتجاوز 135 مليار دولار بحلول عام 2030.
إقرأ ايضاً:اتفاق سعودي باكستاني جديد يعزز الشراكة الاقتصادية ويدعم مشاريع الربط الكهربائي والاستثمار المشتركمنتدى الأفلام السعودي.. بوابة جديدة لتطور صناعة السينما في المملكة
الذكاء الاصطناعي محور التحول الاقتصادي السعودي
أكد وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح أن أكثر من نصف الاقتصاد السعودي أصبح منفصلًا تمامًا عن النفط، وأن 40% من الإيرادات الحكومية تأتي اليوم من قطاعات غير نفطية. وأوضح أن الذكاء الاصطناعي سيكون العمود الفقري للمرحلة القادمة، إذ تستثمر المملكة في تطوير التطبيقات الذكية والنماذج اللغوية الكبرى، إلى جانب إنشاء مراكز بيانات متطورة بتكاليف تنافسية غير مسبوقة. وأشار الفالح إلى أن الدول التي تتبنى الذكاء الاصطناعي اليوم ستكون قادرة على قيادة الاقتصاد العالمي خلال العقود المقبلة، مؤكدًا أن السعودية تمتلك كل المقومات لتكون في مقدمة هذه الدول. ووفقًا لتقديرات شركة PwC، يمكن أن تصل مساهمة الذكاء الاصطناعي في الناتج المحلي الإجمالي السعودي إلى 135 مليار دولار بحلول 2030، وهو ما يمثل نحو 12% من الناتج المحلي المتوقع.
نتائج مالية تعكس نجاح التنويع الاقتصادي
أظهرت المؤشرات المالية الحديثة أن الاقتصاد السعودي يشهد تحولًا ملموسًا في هيكله، حيث بلغ إجمالي إيرادات الحكومة خلال النصف الأول من عام 2025 نحو 565.2 مليار ريال سعودي، شكّلت الإيرادات النفطية منها 53.4% فقط، مقارنة بـ67.9% في عام 2019. ويأتي هذا الانخفاض نتيجة التوسع في الأنشطة غير النفطية التي نمت بنسبة 4.3% في عام 2024، مما ساهم في تحقيق نمو إجمالي للناتج المحلي بنسبة 1.3%. هذا التحول يعكس نجاح الخطط الحكومية في تحقيق التوازن بين الإيرادات وتعزيز النمو في القطاعات الجديدة مثل السياحة، والخدمات اللوجستية، والطاقة المتجددة، والتقنية.
صندوق الاستثمارات العامة يقود التحول نحو المستقبل
يلعب صندوق الاستثمارات العامة السعودي دورًا محوريًا في تنفيذ رؤية المملكة للتنويع الاقتصادي. فقد ضخ الصندوق استثمارات ضخمة في مجالات التقنية، وألعاب الفيديو، والرياضة، والبنية التحتية الذكية، ما جعله أحد أكبر الصناديق السيادية تأثيرًا في العالم. وتشمل استثماراته شركات عالمية كبرى مثل شركة EA للألعاب، ومشاركته في تأسيس صندوق “رؤية سوفت بنك”، إضافة إلى استحواذه على نادي نيوكاسل يونايتد الإنجليزي. ومن خلال هذه الاستثمارات، يعيد الصندوق توجيه الفوائض النفطية نحو قطاعات النمو المستقبلية، لتصبح السعودية مركزًا محوريًا في الاقتصاد الرقمي العالمي.
تمثل هذه الجهود خطوة استراتيجية نحو اقتصاد سعودي متنوع ومستدام يقوده الذكاء الاصطناعي والابتكار، بما يعزز مكانة المملكة كقوة اقتصادية عالمية قادرة على مواكبة التحولات التكنولوجية الكبرى وتحقيق الازدهار للأجيال القادمة.