تشهد المملكة العربية السعودية واحدة من أكبر التغييرات في نظام التأشيرات خلال السنوات الأخيرة، بعد الإعلان الرسمي عن رسوم الزيارة العائلية الجديدة لعام 1447هـ، والتي وصلت إلى مستويات غير مسبوقة تراوحت بين 300 ريال وحتى 8000 ريال. هذا التغيير شكل صدمة واسعة بين المقيمين الذين يعتمدون على الزيارات العائلية للحفاظ على الروابط الأسرية، خصوصاً مع الارتفاع الكبير الذي طال التأشيرات طويلة المدى.
إقرأ ايضاً:الأهلي يحسم مستقبل إيفان توني بعد تألقه ويستعد لمواصلة المشوار بكأس الملكالسعودية تبدأ الترحيل الفوري للمقيمين المخالفين.. 5 مخالفات فقط قد تنهي إقامتك فوراً
تفاصيل الزيادات الجديدة في رسوم الزيارة العائلية
وفق النظام الجديد، حددت المملكة رسوماً تبدأ من 300 ريال للزيارات القصيرة، بينما تصل رسوم التأشيرة لمدة عامين إلى 8000 ريال، وهو مبلغ يمثل عبئاً ثقيلاً على عدد كبير من المقيمين. ويأتي هذا التغيير بالتزامن مع تحديث شامل لمنصات الخدمات الحكومية الرقمية، وعلى رأسها منصة إنجاز التي أصبحت البوابة الرئيسية لمعالجة طلبات الزيارة العائلية.
المقيمون أعربوا عن صدمتهم من الارتفاع الكبير، خصوصاً بعد أن كانت رسوم الزيارة قصيرة المدى ثابتة عند 300 ريال لفترة طويلة. ومع مضاعفة الرسوم بنسبة قد تصل إلى 900% للزيارات المتوسطة، أصبح التخطيط العائلي ضرورة لا يمكن تجاهلها.
قصص واقعية تعكس حجم الصدمة
تجربة المقيم المصري أحمد محمود تعكس حالة الإرباك الكبيرة التي يعيشها آلاف المقيمين حالياً. فبعد 12 عاماً من العيش والعمل في الرياض، تفاجأ أحمد بأن تكلفة إحضار والدته المريضة لمدة 6 أشهر قفزت من 300 ريال إلى 3000 ريال. ويقول أحمد إنه لم يكن يتوقع هذا الارتفاع القاسي، خصوصاً أنه كان يستعد لإجراءات الزيارة قبل الإعلان عن التحديث الجديد. هذا التغيير دفعه إلى إعادة النظر في ميزانيته الشهرية والتخلي عن بعض الالتزامات لمواجهة الرسوم الجديدة.
خبراء: النظام متطور لكن التكلفة صعبة
الدكتور عبدالله الشمري، المتخصص في التحول الرقمي، يرى أن النظام الجديد يمثل نقلة تقنية متقدمة، خصوصاً مع تقليل مدة معالجة الطلبات لتتراوح بين 3 و7 أيام عمل فقط، مقارنة بالأسابيع التي كانت تستغرقها سابقاً. ومع ذلك، يشدد على أن التكلفة الجديدة قد تشكل عقبة أمام آلاف العائلات، خاصة من أصحاب الدخل المتوسط والمحدود.
وإذا قارنا هذه الرسوم مع تأشيرة السياحة التي أطلقت عام 2019 بتكلفة 440 ريال، يتضح مدى اتساع الفجوة بين الماضي والحاضر في رسوم التأشيرات العائلية. ويصف الخبراء هذه النقلة بأنها انتقال سريع من “العصر الورقي” إلى “عصر الذكاء الاصطناعي”، لكن على حساب ميزانيات العائلات المقيمة.
تأثيرات مباشرة على العائلات المقيمة
التغييرات الجديدة وضعت المقيمين أمام اختيارات صعبة. فالكثير من العائلات أصبحت بين خيارين: إمّا تحمل التكاليف العالية للزيارة العائلية، أو التضحية بلمّ الشمل لفترات قد تمتد لسنوات.
فاطمة محمود، وهي أم لم تر ابنها منذ أكثر من ثلاث سنوات، عبّرت عن حزنها الشديد عند معرفتها بالتكاليف الجديدة. فقد كانت تجهز لزيارة قصيرة، لكنها لم تتوقع أن تتحول الزيارة إلى ما يشبه قراراً استثمارياً يحتاج تخطيطاً مالية دقيقاً. وتشير إلى أن هذه التعديلات قد تمنع الكثير من الأمهات والآباء من رؤية أبنائهم وأحفادهم.
تجارب إيجابية مع النظام الجديد
ورغم حجم الغضب والإرباك الذي أثارته الرسوم الجديدة، إلا أن بعض المقيمين يرون الجوانب المشرقة في النظام المطور. سارة الأحمد، إحدى العاملات في قطاع التقنية، تمكنت من إنجاز طلب زيارة والديها خلال ثلاثة أيام فقط، وأشادت بسرعة الإجراءات وسهولة استخدام المنصة الرقمية الجديدة. وترى أن من يتعامل بمرونة ويخطط مسبقاً يمكنه الاستفادة من النظام رغم ارتفاع التكلفة.
المستقبل: تحديات وفرص
مع بداية تطبيق النظام الجديد، ستواجه العائلات المقيمة تحديات كبيرة تتطلب تخطيطاً مالياً دقيقاً وتقييماً جديداً لأولوياتها. كما ينصح الخبراء بالاعتماد على الزيارات القصيرة التي لا تزال تكلفتها في متناول الكثيرين مقارنة بالتأشيرات الطويلة.
ويبدو أن هذا التغيير سيكون بداية مرحلة جديدة في تنظيم التأشيرات داخل المملكة، مع تركيز أكبر على التطور التقني وتقديم خدمات أسرع، لكنه في الوقت نفسه يحمل أعباء مالية تحتاج إلى دراسة قبل اتخاذ أي قرار.
وفي النهاية، يبقى السؤال الأهم للمقيمين: هل ستكون هذه الرسوم الجديدة نقطة تحول في قراراتكم بشأن الزيارات العائلية؟ أم ستبحثون عن حلول أخرى للحفاظ على الروابط الأسرية في ظل هذا الواقع الجديد؟
