تشهد منظومة العمل العسكري تطورًا نوعيًا يعكس وعيًا مؤسسيًا متقدمًا بأهمية مرحلة ما بعد الخدمة، حيث أطلقت وزارة الدفاع برنامج التحول المهني في خطوة استراتيجية تهدف إلى دعم العسكريين المتقاعدين وتمكينهم من الانتقال المنظم إلى الحياة المهنية المدنية. المبادرة تمثل نقلة حقيقية في مفهوم الرعاية الوظيفية، إذ لا تتوقف عند حدود الخدمة العسكرية، بل تمتد لبناء مستقبل مهني مستقر يواكب احتياجات سوق العمل ويستثمر الخبرات الوطنية المتراكمة.
إقرأ ايضاً:
أهداف برنامج التحول المهني وأبعاده الاستراتيجية
يأتي برنامج التحول المهني ضمن رؤية شاملة تتبناها وزارة الدفاع https://www.mod.gov.sa تهدف إلى تحويل التقاعد من مرحلة مليئة بالتحديات إلى فرصة حقيقية للنمو والإنتاج. يركز البرنامج على تعزيز الاستقرار المهني والاجتماعي للعسكريين بعد انتهاء خدمتهم، من خلال إعداد مبكر يضمن انتقالًا آمنًا ومدروسًا. كما يعمل على مواءمة المهارات العسكرية مع متطلبات القطاعات المدنية المختلفة، بما يحقق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني ويعزز دور المتقاعد في التنمية المستدامة.
يعتمد البرنامج على مفهوم الاستثمار في الإنسان، حيث تُعد الخبرات القيادية والتنظيمية والانضباطية التي اكتسبها العسكريون رصيدًا مهمًا يمكن توظيفه بفاعلية في مجالات متعددة. هذا التوجه يعكس فهمًا عميقًا لطبيعة سوق العمل المتغير، وحاجة المؤسسات إلى كفاءات تمتلك الجدية والالتزام والقدرة على إدارة الأزمات.
مسارات التأهيل والتدريب والتوظيف بعد التقاعد
يرتكز البرنامج على مجموعة من المسارات المتكاملة التي تبدأ بمسار التوعية، والذي يركز على الإعداد المبكر والتخطيط المهني، ما يساعد العسكريين على اتخاذ قرارات مدروسة قبل التقاعد. يلي ذلك مسار التدريب وإعادة التأهيل، حيث يتم تطوير المهارات العملية ومنح شهادات احترافية معتمدة تعزز فرص التنافس في سوق العمل.
كما يتضمن البرنامج مسار التوظيف الذي يعمل على ربط المتقاعدين بفرص وظيفية مناسبة لخبراتهم، من خلال شراكات مع جهات حكومية وخاصة. هذه الشراكات تسهم في تحقيق التوازن بين العرض والطلب، وتضمن دمجًا سلسًا للعسكريين في القطاعات المختلفة. إلى جانب ذلك، يوفر البرنامج مسارًا خاصًا بريادة الأعمال، يتيح للمتقاعدين تأسيس مشروعاتهم الخاصة وتحويل خبراتهم إلى أنشطة اقتصادية منتجة.
أثر القرار على المستقبل المهني للعسكريين
يمثل إطلاق برنامج التحول المهني رسالة تقدير واضحة لمن خدموا الوطن بإخلاص، ويؤكد أن مرحلة التقاعد ليست نهاية العطاء، بل بداية لمسار جديد من الإنجاز. البرنامج يعزز الثقة لدى العسكريين المقبلين على التقاعد، ويمنحهم أدوات عملية للتكيف مع المتغيرات الاقتصادية والمهنية.
كما يعكس القرار توجهًا وطنيًا ينسجم مع مستهدفات التنمية البشرية، ويؤكد أن الاستثمار في العسكري المتقاعد هو استثمار في الكفاءة والانضباط والخبرة. من خلال هذا البرنامج، تتحول الخبرات العسكرية إلى قوة داعمة لسوق العمل، وتسهم في بناء مجتمع منتج ومتوازن قادر على مواجهة التحديات المستقبلية بثبات.
