ثورة لوجستية في أوكساجون: معدات هي الأولى من نوعها في السعودية

ميناء نيوم
كتب بواسطة: سعيد مبارك | نشر في  twitter

استقبل ميناء نيوم، الذي يقع ضمن مركز "أوكساچون" للخدمات اللوجستية المتكاملة، الدفعة الأولى من الرافعات الجسرية المؤتمتة بالكامل (STS)، والتي تُعد الأحدث في مجال مناولة الحاويات والبضائع، حيث يتم التحكم بها عن بُعد لتوفير مستويات عالية من الكفاءة والدقة، وتضمنت الشحنة كذلك رافعات جسرية إلكترونية ذات إطارات مطاطية (eRTG)، مما يعكس التزام الميناء بتطبيق أحدث التقنيات في مجال الأتمتة المستدامة، وبهذه الإضافة النوعية، يسجل الميناء سابقة وطنية، إذ تُعد هذه المعدات الأولى من نوعها في المملكة، ما يمهد لمرحلة جديدة في مسيرة تطوير الموانئ السعودية.

وتُمثل هذه الخطوة إحدى اللبنات الأساسية في تطبيق استراتيجية الأتمتة الشاملة لميناء نيوم، والتي تهدف إلى تحويله إلى مركز عالمي ذكي للتجارة والخدمات اللوجستية، فالرافعات الجديدة لا تكتفي برفع وتفريغ الحاويات بسرعة وكفاءة، بل تُدار عن بُعد، ما يسمح للمشغلين بالعمل من بيئات آمنة ومريحة، ويمنح الميناء نموذج تشغيل مستقبلي قائم على الابتكار والاستدامة، ومن المنتظر أن تؤدي هذه التقنية إلى تعزيز الطاقة التشغيلية للميناء، وتمكينه من التعامل مع أحجام كبيرة من الحاويات في وقت أقل، ما يرفع كفاءته ويقلل من تكاليف التشغيل والانبعاثات الكربونية في آنٍ واحد.
إقرأ ايضاً:أسعار حديد التسليح في السعودية تشهد تراجعًا ملحوظًا خلال أغسطسوزارة التعليم السعودية تحدد آليات صارمة للتعامل مع الطلاب المتغيبين بعذر أو دون عذر

ويتزامن وصول هذه المعدات المتطورة مع تسارع أعمال البناء في الميناء، الذي يستعد لافتتاح محطة الحاويات رقم (1) في عام 2026، حيث من المقرر أن تُطبّق فيها أنظمة نقل أفقي مؤتمت بالكامل، ويُعد هذا التوجه جزءًا من الرؤية الأشمل لتحويل نيوم إلى نموذج عالمي متكامل للتنمية الحضرية والصناعية المستدامة، من خلال تطوير بنى تحتية ذكية ومرنة تواكب تطلعات المستقبل، ومن الإنجازات الميدانية البارزة حتى الآن، اكتمال أعمال إنشاء رصيف بحري بطول 900 متر، وتعميق القناة البحرية إلى عمق 18،5 مترًا، ما يمكّن الميناء من استقبال أكبر السفن العابرة لقناة السويس، وهو إنجاز يعزز قدرته التنافسية في السوق العالمية.

ويتميز الميناء بموقعه الإستراتيجي على ساحل البحر الأحمر، أحد أهم الممرات البحرية في العالم، ما يجعله بوابة تجارية حيوية تربط بين قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا، ويتيح هذا الموقع فرصة فريدة لميناء نيوم لأن يتحول إلى مركز لوجستي عالمي، يخدم ليس فقط السوق السعودية، بل يمتد تأثيره إلى سلاسل الإمداد الإقليمية والعالمية، وفي هذا الإطار، أكد المدير العام للميناء، شون كيلي، أن وصول هذه الرافعات يشكل لحظة تحول رئيسة في مسيرة بناء ميناء متقدم يواكب طموحات المملكة، وقال: "لن يقتصر دور الميناء على دعم نمو القطاع الصناعي في شمال غربي المملكة، بل سيضع معايير جديدة للأداء والابتكار في صناعة الموانئ".

وتماشياً مع هذه الرؤية المتقدمة، أطلق الميناء برنامجًا تدريبيًا رائدًا لتطوير الكوادر الوطنية، يركز على تدريب الفتيات السعوديات على تشغيل الرافعات عن بُعد وتقنيات أخرى متقدمة في مجال اللوجستيات، ويشارك في البرنامج حاليًا عشرة متدربين من منطقة تبوك في دورة مكثفة تستمر لعامين، تجمع بين التعليم الفني، والتدريب العملي، والإرشاد المهني، وتأتي هذه المبادرة ضمن توجهات ميناء نيوم لتعزيز الشمولية والتمكين، وفتح آفاق جديدة للكوادر الوطنية في مجالات كانت تقليديًا حكرًا على الذكور.

ووصفت المتدربة هاجر العطاوي هذه التجربة بأنها غيّرت نظرتها للقطاع اللوجستي، مشيرة إلى أن العمل في الموانئ يتطلب مهارات متعددة تتجاوز المهام التقنية إلى التعاون والعمل الجماعي، وقالت: "أظهرت لي هذه التجربة أن لوجستيات الموانئ أكثر تعقيدًا من مجرد نقل البضائع، فهي تتطلب العمل الجماعي والدقة والمسؤولية، كما أن انضمام المزيد من السعوديات إلى هذا المجال يمنحني أملًا في مستقبل واعد تُحدد الفرص فيه بناءً على المهارات والخبرات".

ويمثل هذا الاستثمار في الموارد البشرية والتقنيات المتقدمة خطوة أساسية ضمن رؤية نيوم الشاملة، التي تهدف إلى بناء منظومة صناعية ولوجستية متقدمة، تواكب طموحات رؤية المملكة 2030، وتعزز متانة الاقتصاد الوطني من خلال التنويع والابتكار، ومع مواصلة الأعمال التطويرية، يبدو أن ميناء نيوم يسير بخطى واثقة نحو أن يصبح واحدًا من أكثر الموانئ تطورًا وابتكارًا على مستوى العالم، مؤكدًا مكانة المملكة كلاعب محوري في مستقبل التجارة العالمية.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | اتصل بنا | سياسة الخصوصية | X | Facebook