تواصل المملكة العربية السعودية مسيرتها بخطوات واثقة نحو التحول إلى مركز عالمي للتصنيع والإنتاج، مستندة إلى منظومة اقتصادية قوية ورؤية استراتيجية طموحة. ويبرز في هذا الإطار «الممر الاقتصادي الجديد» كمبادرة وطنية كبرى تهدف إلى ترسيخ مكانة المملكة كمحور رئيسي في سلاسل الإمداد العالمية، عبر أربع استراتيجيات متكاملة تشمل التوطين، الصناعة، التعدين، واستراتيجية الصادرات، التي تعمل معًا على تعزيز القدرة الإنتاجية ورفع تنافسية الاقتصاد الوطني ضمن مستهدفات رؤية السعودية 2030.
إقرأ ايضاً:دراسة طبية تكشف سر صادم حول الصيام... ما علاقة النظام الإسلامي بالأمراض المزمنة؟مفاجأة من هيونداي 2026... سيارة أنيقة بمحرك قوي وسعر غير متوقع تمامًا!
وفي حديث لوزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريّف مع صحيفة «الشرق الأوسط»، أكد أن المملكة تمثل نموذجًا متكاملاً يجمع بين عناصر القوة الطبيعية والبشرية، ما يجعلها مؤهلة لتكون مركزًا إقليميًا ودوليًا للصناعة. وأوضح أن الموارد الطبيعية الغنية مثل النفط والغاز والمعادن، إلى جانب الموقع الجغرافي الفريد الذي يربط بين ثلاث قارات، يمنح المملكة ميزة استراتيجية كبرى للوصول إلى الأسواق الإقليمية والعالمية في آسيا وأفريقيا ووسط القارة الآسيوية.
وأشار الخريّف إلى أن الوزارة تعمل على تحويل صادرات البتروكيميائيات إلى صناعات تحويلية محلية ذات قيمة مضافة، موضحًا أن مشروعًا تجريبيًا بالتعاون مع وزارة الطاقة حقق زيادة في الطلب المحلي على أحد المنتجات بأكثر من 300 ألف طن، مع توقعات بإضافة منتجات جديدة قريبًا لدعم سلاسل الصناعة التحويلية.
وفيما يتعلق بالصناعات الدوائية، أوضح الوزير أن المملكة استطاعت تحقيق قفزة كبيرة في عدد المصانع المحلية، من خلال توطين منتجات حساسة مثل الإنسولين، بالإضافة إلى مشاريع واعدة لتصنيع اللقاحات والأدوية الحيوية، مما يعزز الأمن الدوائي الوطني.
كما تحدث عن الصناعات التقنية الحديثة، خاصة في مجالات الإلكترونيات والرقائق الدقيقة، مشيرًا إلى شراكات محلية مع شركات رائدة مثل «آلات»، إلى جانب التعاون مع وزارة الاتصالات لتطوير البنية الرقمية الداعمة لهذا القطاع المتنامي.
وأكد الخريّف أن المملكة تمتلك بنية تحتية متكاملة تشمل موانئ متطورة، وشبكات طرق وسكك حديدية، واستقرارًا سياسيًا واقتصاديًا يجعلها وجهة آمنة للمستثمرين. كما أشار إلى أن الوزارة تركز على استقطاب تقنيات المستقبل بدلاً من التقنيات التقليدية، مع توفير حوافز دائمة ومؤقتة لدعم المستثمرين، تشمل التمويل الصناعي، وتسهيلات التصدير، ومبادرات «صنع في السعودية».
وأضاف أن الجهود لا تقتصر على الداخل فقط، بل تمتد إلى بناء شراكات دولية قوية، حيث تسعى الوزارة لتحفيز القطاع الخاص السعودي على التعاون مع نظرائه حول العالم، مشيرًا إلى الاهتمام الكبير الذي أبدته الشركات الألمانية خلال مشاركة المملكة في معرض «K Show 2025» في ألمانيا.
أما في قطاع التعدين، فأوضح الوزير أنه يمثل الركيزة الثالثة للاقتصاد الصناعي الوطني بعد النفط والغاز، حيث تُقدر الثروات المعدنية للمملكة بنحو 2.5 تريليون ريال. وكشف عن جهود لاستخراج الليثيوم من مياه النفط والغاز ومياه التحلية، في خطوة قد تُحدث تحولًا كبيرًا في الصناعة المستقبلية للطاقة والتقنيات النظيفة.
واختتم الخريّف بالتأكيد على أن هذه التحركات تأتي ضمن نهج شامل لبناء اقتصاد صناعي متكامل، يجعل المملكة مركزًا عالميًا للابتكار والإنتاج، وشريكًا رئيسيًا في صياغة مستقبل الصناعة العالمية.