أظهرت أحدث البيانات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية بالتعاون مع مجموعة البنك الدولي أن المملكة العربية السعودية واصلت تحقيق تقدم متسارع في تغطية الخدمات الصحية الأساسية على مدى العقدين الماضيين، لتصل في آخر تحديث إلى مستوى 83 نقطة، وهو ما يضعها ضمن الدول المصنفة عالميًا في فئة التغطية الصحية عالية المستوى.
إقرأ ايضاً:
ويعكس هذا الرقم قفزة نوعية خلال فترة زمنية قصيرة، حيث ارتفع المؤشر بمقدار 9 نقاط خلال عامين فقط، في دلالة واضحة على فعالية الإصلاحات الصحية التي تبنتها المملكة ضمن إطار التحول الصحي الشامل.
مؤشر تغطية الخدمات الصحية وأهميته التنموية
يُعد مؤشر تغطية الخدمات الصحية الأساسية أحد المؤشرات الدولية المعتمدة ضمن أهداف التنمية المستدامة، وتحديدًا الهدف الثالث المتعلق بالصحة الجيدة والرفاه، وهو مؤشر يقيس مدى وصول السكان إلى خدمات الرعاية الصحية الأساسية بجودة مناسبة ودون عوائق.
ويكتسب التقدم الذي حققته المملكة في هذا المؤشر أهمية إضافية، كونه يرتبط بشكل مباشر بمجموعة واسعة من المؤشرات التنموية الأخرى، مثل تحسين جودة الحياة، وتمكين الإنسان، وتقليل عبء الأمراض المزمنة والمعدية، إلى جانب تعزيز الرفاه الاجتماعي والاستقرار المجتمعي.
كما ينعكس تحسن هذا المؤشر إيجابًا على عناصر حيوية تشمل متوسط العمر المتوقع، وكفاءة الأنظمة الوقائية، ومستوى الإنتاجية الاقتصادية للمجتمع، وهو ما يعزز من قدرة الدول على تحقيق تنمية مستدامة طويلة الأمد.
عوامل رئيسية وراء القفزة الصحية في المملكة
جاء هذا التقدم نتيجة اتباع المملكة نهجًا متكاملاً ركز على الوقاية قبل العلاج، مع تعزيز دور الرعاية الصحية الأولية بوصفها خط الدفاع الأول عن صحة المجتمع، إضافة إلى التوسع في برامج الفحص المبكر للكشف عن الأمراض في مراحلها الأولى.
وشملت الإصلاحات كذلك رفع جاهزية المرافق الصحية في مختلف مناطق المملكة، سواء من حيث البنية التحتية أو الكوادر الطبية أو جودة الخدمات المقدمة، بما يضمن وصولًا عادلًا وشاملًا للرعاية الصحية.
التحول الرقمي ودوره في تحسين الوصول للخدمات
كان للتحول الرقمي المتسارع دور محوري في تعزيز كفاءة النظام الصحي، حيث ساهمت منصات رقمية مثل تطبيق صحتي ومستشفى صحة الافتراضي في تسهيل وصول المستفيدين إلى الخدمات الصحية دون الحاجة إلى التنقل أو الانتظار الطويل.
وأدى هذا التحول إلى تحسين تجربة المريض، ورفع كفاءة تقديم الرعاية، وتوسيع نطاق الاستفادة من الخدمات الصحية، خاصة في المناطق البعيدة، مما أسهم في تقليص الفجوات الصحية وتعزيز العدالة في تقديم الرعاية.
تحسن ملموس في مؤشرات جودة الحياة والصحة العامة
انعكست هذه الإصلاحات الصحية بشكل مباشر على مؤشرات الصحة العامة وجودة الحياة في المملكة، حيث ارتفع متوسط عمر الإنسان من نحو 74 عامًا في عام 2016 إلى حوالي 79.7 عامًا في عام 2025، مقتربًا بشكل كبير من الهدف المحدد ضمن رؤية المملكة 2030 والبالغ 80 عامًا.
ويُعد هذا الارتفاع دليلاً واضحًا على تحسن مستوى الصحة العامة وفاعلية برامج الوقاية والعلاج، إضافة إلى نجاح السياسات الصحية في الحد من الأمراض وتحسين نمط الحياة.
تصريحات وزير الصحة حول إنجازات التحول الصحي
وفي هذا السياق، أكد وزير الصحة فهد بن عبدالرحمن الجلاجل أن ما تحقق في المؤشرات الصحية الدولية يمثل إحدى ثمار رؤية المملكة 2030 والدعم المستمر من القيادة الرشيدة.
وأوضح الوزير أن التطور الملحوظ في التغطية الصحية ومتوسط العمر المتوقع يعكس الأثر الحقيقي للتحول الصحي الذي تقوده الرؤية، والذي ارتكز على تعزيز الوقاية، وتمكين الرعاية الصحية الأولية، وتوسيع نطاق الرقمنة الصحية، إلى جانب تطوير منظومة الخدمات الصحية في جميع مناطق المملكة.
وأضاف أن الوصول إلى متوسط عمر 79.7 عامًا جاء نتيجة عمل تكاملي هدفه الأساسي تحسين جودة حياة الإنسان وصحته، مشددًا على استمرار الجهود لتحقيق مستويات أعلى من الكفاءة والاستدامة في القطاع الصحي.
السعودية تقترب من مصاف الدول المتقدمة صحيًا
يمثل هذا التقدم المتسارع خطوة مهمة نحو ترسيخ مكانة المملكة ضمن الدول الأكثر تقدمًا في المجال الصحي عالميًا، ويؤكد نجاح استراتيجيات التحول الصحي في تحقيق نتائج ملموسة يشعر بها المواطن والمقيم على حد سواء.
ومع مواصلة الاستثمار في الوقاية، والتقنيات الصحية الحديثة، وتطوير الكوادر الطبية، تمضي المملكة بخطى واثقة نحو تحقيق مستهدفات رؤية 2030، وبناء نظام صحي مستدام يواكب أفضل المعايير الدولية، ويضع صحة الإنسان وجودة حياته في مقدمة الأولويات.