فراس طرابلسي يحذر من حملات تبرع وهمية تستغل عواطف المجتمع

حملات تبرع وهمية
كتب بواسطة: فائزة بشير | نشر في  twitter

في ظل التطور المتسارع الذي تشهده المملكة العربية السعودية على المستويين القضائي والاجتماعي، برزت ظاهرة مقلقة تستدعي الوقوف عندها بوعي وحذر، وهي لجوء بعض الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي إلى إطلاق حملات لجمع التبرعات، تعرض فيها قصص مؤثرة وموجعة عن أشخاص "مسجونين" بسبب ديون بسيطة أو فواتير غير مدفوعة، مع طلب الدعم المالي عبر روابط شخصية غير موثقة، وهذه الظاهرة، التي انتشرت تحت مظلة العاطفة والشفقة، تعد بحسب الكاتب الصحفي فراس طرابلسي، خطرًا حقيقيًا يهدد الثقة الوطنية في النظام العدلي والمالي، ويشكك في جدوى الأنظمة القضائية الحديثة التي أقرتها الدولة في سبيل حماية الإنسان قبل محاسبته.

يسلط طرابلسي الضوء على التحول الجذري الذي طرأ على النظام القضائي السعودي، والذي لم يعد يعتمد أسلوب "الردع بالسجن" في القضايا المالية، حيث باتت العدالة تمارس اليوم بأسلوب أكثر نضجًا واتزانًا، يراعي حقوق جميع الأطراف، ويبحث عن حلول تضمن حق المتضرر دون أن تُقيد حرية المدين أو تضر بمستقبله الاقتصادي والاجتماعي، ويشدد الكاتب على أن من واجب المجتمع التفاعل الواعي مع هذه التغيرات، لا العودة إلى تصورات قديمة باتت لا تمت للواقع العدلي في المملكة بصلة.
إقرأ ايضاً:جستنيه يربك جماهير الاتحاد بتغريدة غامضة.. إشارات صراع نفوذ خلف الكواليس"احذر.. وقوف سيارتك في غير الأماكن المخصصة يكلفك هذه الغرامة

ويحذر طرابلسي من أن بعض حملات جمع التبرعات التي تظهر على مواقع التواصل، خصوصًا تلك التي تتوسل عاطفة المتابعين بقصص درامية عن "عائل مسجون" أو "أب مهدد بالسجن بسبب مبلغ زهيد"، ما هي إلا محاولات تُعيد إنتاج مشاهد غير حقيقية ومغلوطة عن العدالة في المملكة، كما يشير إلى أن هذه الحملات تخفي حقيقتين خطيرتين، أولاهما أن الكثير من الحالات التي تُعرض لا يمكن التأكد من صحتها أو التحقق من مدى حاجتها الفعلية، لكونها لا تمر عبر قنوات رسمية، والثانية أن المملكة -بجهودها المباركة- وفرت منصات موثوقة ورسمية مثل "فُرجت"، و"إحسان"، و"ساهم"، وهي منصات تخضع لإشراف مباشر من جهات عدلية وقضائية، وتضمن وصول كل ريال إلى مستحقه الحقيقي دون اقتطاع أو تلاعب.

ويذهب الكاتب إلى ما هو أبعد من التحذير، إذ يعتبر أن أي طلب لجمع التبرعات خارج هذه القنوات الرسمية، لا يعد عملًا خيرياً مشروعًا، بل هو سلوك يهدد بزعزعة الثقة في النظام المالي، ويشكك في الشفافية التي أرستها الدولة في تعاملاتها المالية والاجتماعية، فالمسألة، بحسب تعبيره، لا تتعلق بمجرد إحسان فردي، بل تتعدى ذلك لتصبح مسألة أمن مجتمعي وعدلي، خاصة إذا تم استغلال الطيبة المجتمعية في تمرير حملات مشبوهة تستنزف المال والنية الصادقة تحت مظلة العاطفة والرحمة.

ويؤكد طرابلسي على أن الدولة، انطلاقًا من رؤيتها الشاملة للتنمية والعدالة، تعمل على بناء منظومة عدلية إصلاحية، ترتكز على التوازن والعدالة، وتدعم من خلال أدواتها الرسمية كل من يواجه صعوبات مالية حقيقية، وهو ما يجعل وجود قنوات موازية أو غير موثقة لجمع الأموال يُعد تجاوزًا لنظام محكم، وتشكيكًا في مصداقية المؤسسات الرسمية التي أنشئت خصيصًا لحماية المستحقين ومنع استغلالهم.

وبينما يطالب الكاتب بعدم الانسياق وراء مشاهد العاطفة، يدعو في الوقت نفسه إلى إعلاء قيمة الثقة في الدولة ومنصاتها الخيرية، وإلى إعمال العقل قبل الجيب، مؤكدًا أن المجتمع السعودي اليوم بحاجة إلى ترسيخ ثقافة المسؤولية الجماعية والرقابة الذاتية، بما يعزز من حضور العمل الخيري المنظم، ويُقصي كل محاولات التلاعب التي قد تسيء إلى صورة التكافل في المملكة.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | اتصل بنا | سياسة الخصوصية | X | Facebook