الأنظار تتجه إلى الكعبة .. مشهد مهيب يرافق تغيير الكسوة في لحظة تاريخية متجددة

في مشهد مهيب ومؤثر تابعته أنظار المسلمين في مختلف أنحاء العالم، بدأت أعمال مراسم تغيير كسوة الكعبة المشرفة صباح اليوم، وسط أجواء مفعمة بالرهبة والخشوع، امتدادًا لإرث سنوي يتجدد كل عام منذ قرابة قرن من الزمان، ويجسد رعاية المملكة المتواصلة بالحرمين الشريفين وتفانيها في خدمة قبلة المسلمين.
وقد بدأت فرق العمل المختصة، التابعة للهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، في تنفيذ خطوات دقيقة لتفكيك المذهبات والصمديات والقناديل والحُليّ المثبتة على الكسوة القديمة، تمهيدًا لإنزالها وإسدال الكسوة الجديدة، وفق معايير فنية وتنظيمية صارمة تحافظ على قدسية الحدث ودقته المتناهية.
إقرأ ايضاً:دوري يلو يقترب من ضم الجناح البرازيلي الواعد جوستافو مايا قبل إغلاق الانتقالاتاحرص على تأمين مستقبلك: خطوات الاشتراك في نظام معاشات المصريين بالخارج
وانطلقت مراسم التغيير من خلال إزالة ستارة باب الكعبة التي يبلغ طولها 6.35 أمتار وعرضها 3.33 أمتار، لتفسح المجال أمام أعمال الإنزال والتثبيت للكسوة الجديدة، التي يتم تجهيزها في مجمع الملك عبدالعزيز لكسوة الكعبة المشرفة، وهو الصرح المتخصص في هذه المهمة النبيلة، والذي يعكس المستوى المتقدم من العناية الفنية والإدارية بالكسوة.
ويتولى هذه المهمة المقدسة فريق سعودي متخصص، مكوّن من كفاءات فنية مؤهلة علميًا وعمليًا، يتمتع بخبرة طويلة في تنفيذ مراحل التغيير التي تتضمن رفع الكسوة القديمة، وفك الأجزاء المعدنية، ثم تثبيت الكسوة الجديدة بعناية فائقة، في لحظة تجمع بين البعد الديني والبعد الفني.
وتتكون الكسوة الجديدة، المصنوعة من أفخم أنواع الحرير الأسود المنقوش، من 47 قطعة يتم تجميعها بدقة على سطح الكعبة، وتحمل بين خيوطها 68 آية قرآنية مطرزة بخيوط من الفضة المطلية بالذهب الخالص من عيار 24، في تصميم يعكس الجمال المهيب لقدسية الكعبة.
ويصل الوزن الإجمالي للكسوة الجديدة إلى نحو 1415 كيلوجرامًا، تتوزع بين الحرير الطبيعي والقطن وأسلاك الفضة والذهب، ما يعكس حجم الجهد الكبير المبذول في إعداد هذه الكسوة وتثبيتها على هذا البناء الشريف، الذي يمثل أعظم رموز وحدة الأمة الإسلامية.
ويضم الكادر التشغيلي القائم على هذا الحدث عددًا كبيرًا من الصناع المهرة بلغ عددهم 154 حرفيًا سعوديًا متمكنًا، يعملون بتناغم كامل، مستخدمين نحو 120 كيلوجرامًا من أسلاك الفضة المطلية بالذهب، و60 كيلوجرامًا من الفضة الخالصة، إلى جانب 825 كيلوجرامًا من الحرير و410 كيلوجرامات من القطن الخام.
وتُنتج الكسوة داخل المجمع باستخدام 8 مكائن نسيج متطورة، يتم من خلالها تصنيع 54 قطعة مذهبة تُثبت على جوانب وأركان الكعبة، لتضفي على الكسوة لمستها الفنية والتقنية المتقنة، وتعكس في الوقت ذاته عراقة الحرفة ودقة التنفيذ.
ويُعد تغيير كسوة الكعبة واحدًا من أبرز الأحداث السنوية التي ينتظرها العالم الإسلامي، إذ لا يقتصر على الجانب الفني فحسب، بل يرمز إلى استمرار العناية بالمقدسات، وتجديد الطواف حول البيت العتيق بثوب جديد يحمل طابع الهيبة والجلال.
ومنذ أكثر من مئة عام، تتولى المملكة العربية السعودية هذه المهمة الجليلة، في تقليد تراثي ثابت، يعكس مدى ارتباط القيادة والشعب بخدمة الحرمين الشريفين، ويؤكد مكانة الكعبة المشرفة في قلب المشروع الديني والثقافي للمملكة.
وقد شهدت السنوات الماضية تطويرًا متواصلاً في آليات تصميم وصناعة الكسوة، من حيث نوعية المواد المستخدمة، والتقنيات المتبعة، وجودة الإخراج النهائي، في انسجام واضح بين الأصالة والحداثة، وبين التقاليد الإسلامية والمعايير الفنية العالمية.
ويُذكر أن مجمع الملك عبدالعزيز لكسوة الكعبة، الذي تأسس في مكة المكرمة، يُعد المؤسسة الوحيدة في العالم المخصصة لصناعة الكسوة، ويضم نخبة من الحرفيين والخبراء الذين يشرفون على مراحل الإنتاج كافة، بدءًا من اختيار المواد الخام، وحتى التطريز والتجميع النهائي.
ولأهمية هذه المناسبة، تُجرى أعمال التغيير في أجواء عالية التنظيم، تُراعى فيها الاعتبارات الأمنية والدينية، حيث يتم إنزال الكسوة القديمة ورفع الجديدة خلال ساعات الليل والفجر لتجنب التزاحم، وضمان انسيابية العمل بعيدًا عن التدافع.
ويتم التعامل مع الكسوة القديمة بحرص بالغ، إذ تُقص إلى أجزاء صغيرة، وتُحفظ وتُهدى إلى جهات رسمية أو شخصيات رمزية، ضمن إطار من التكريم والاحترام لقيمتها الروحية والمادية، كونها كانت تغطي أقدس بيت على وجه الأرض.
كما يمثل هذا الحدث رمزًا للتماسك الإسلامي، حيث يُعيد إلى الأذهان وحدة القبلة ووحدة الشعائر، ويجسد الرابطة القلبية بين المسلمين والكعبة، ويمنح الشعور بالسكينة والوقار لكل من يشاهد مراسم التغيير عن قرب أو عبر الشاشات.
وتُعد كسوة الكعبة جزءًا من التاريخ الإسلامي الطويل، إذ مرّت عبر العصور بمراحل تطور كثيرة، من الكسوة المصنوعة في مصر والهند سابقًا، إلى أن أصبحت تُنتج بالكامل في المملكة، ما يعكس ريادة المملكة في رعاية الحرمين وتطوير صناعاتها المرتبطة بهما.
وفي كل عام، تثير هذه اللحظة مشاعر خاصة في نفوس المسلمين، حيث يرون البيت العتيق يكتسي ثوبه الجديد في صمت مهيب، يتردد صداه في القلوب قبل أن يُسمع في الآذان، في لحظة تُمثل قمة السمو الروحي والتجلي الإيماني.
ويُنتظر أن تُستكمل مراسم التثبيت النهائية للكسوة الجديدة خلال الساعات القليلة المقبلة، على أن تبقى في مكانها طوال العام الهجري القادم، حتى موعد الاستبدال القادم في موسم الحج، في دورة سنوية ترمز للاستمرارية والخلود.
- "النمر يحذر: جلد الدجاج قد يهدد قلبك والكولسترول في هذه الحالة فقط
- نجاح بنك الجزيرة في طرح صكوك دولارية بعائد ثابت يفتح فرصًا استثمارية جديدة في السعودية
- متعة وإثارة في دور المجموعات بكأس الملك سلمان للأندية.. 3 لحظات مميزة تأسر الأنظار
- ماني يُحرّك العواطف.. رسالة مؤثرة لـ رونالدو وجماهير النصر تجعل القلوب تنبض بالفرح والحماس
- ماني يثير الجدل.. قرار جريء للنصر يتسبب في ذهول الجماهير ومنع تقييم الصفقة
- قفزة كبيرة للأهلي تعاقد ناري مع نجم برشلونة.. اكتشف ادق التفاصيل