منصات البودكاست العربية تحقق قفزات نوعية وسط تسابق محموم نحو الربحية

كتب بواسطة: حاتم بن فهد | نشر في

شهدت السنوات الأخيرة تحوّلاً لافتًا في عادات الجمهور العربي في ما يخص استهلاك المحتوى الصوتي، من موسيقى إلى بودكاست وكتب صوتية. هذا التحول فتح المجال أمام منصات الاستماع العربية لتنافس نظيراتها العالمية وتخوض سباقًا على جمهور متعطش للمحتوى المخصص بلغته وثقافته. في ظل هذا النمو، بدأت ملامح الربحية تلوح في الأفق، مدفوعةً بالاستثمارات الضخمة والشراكات الاستراتيجية التي باتت تحرّك عجلة هذه الصناعة.

"أنغامي": من الخسائر التشغيلية إلى بوادر الربحية

تمثل منصة "أنغامي https://www.anghami.com" إحدى أبرز قصص النجاح في المشهد العربي للبث الصوتي. الاستحواذ الذي نفذته مجموعة "أو إس إن" على 55.45% من أسهم "أنغامي" في أبريل 2024 كان بمثابة نقطة انطلاق جديدة للمنصة، حيث ضُخَّ تمويل إضافي بقيمة 55 مليون دولار لدعم نموها وتوسيع مكتبتها. وبحسب تقارير "ماركت سكرينر"، تضاعفت إيرادات "أنغامي" تقريبًا خلال عام واحد، مع تسجيل أولى أرباحها التشغيلية في النصف الثاني من 2024، مما يعكس اقترابها من تحقيق الاستدامة المالية.
إقرأ ايضاً:"احذر.. وقوف سيارتك في غير الأماكن المخصصة يكلفك هذه الغرامة تراجع أسعار البيض وتباين منتجات الألبان والحليب في السعودية

"بوديو": رهانات على اقتصاد صناع المحتوى

منصة "بوديو" https://podio.network الناشئة، التي تتخذ من دبي مقرًا لها، فرضت نفسها كلاعب رئيسي في مجال البودكاست العربي، خاصة بعد حصولها على تمويل بقيمة 5.4 ملايين دولار من مستثمرين إقليميين. المنصة استطاعت بناء شبكة ضخمة من أكثر من 50 مليون مستمع و100 ألف صانع محتوى، وتُعد من الأوائل في تمكين هؤلاء من تحقيق دخل مباشر من الإعلانات والرعايات. الشراكة الأخيرة التي أبرمتها "بوديو" مع مجموعة "إس إم سي" لإدارة الإعلانات تمثل خطوة ذكية نحو تنويع مصادر الدخل وجذب المعلنين المهتمين بالجمهور العربي.

الربحية المستدامة في الأفق

لم تعد التحديات التي تواجه المنصات العربية محصورة في عدد المستخدمين أو جودة المحتوى، بل أصبحت تتركز على إيجاد معادلات ربحية طويلة الأمد. ومع تنامي الشراكات الاستثمارية وتزايد إقبال المعلنين على المحتوى العربي، تبدو الفرص مواتية للوصول إلى نموذج يوازن بين النمو والإيرادات. استثمارات مثل تلك التي ضختها "أو إس إن" في "أنغامي"، أو "أوراسيا كابيتال" في "بوديو"، تعكس ثقة عميقة من رؤوس الأموال العربية بقدرات السوق المحلي، وهو ما يبشّر بمستقبل واعد لهذه الصناعة.

استمرار تطور أدوات الإعلان وابتكار وسائل لتحقيق دخل لصناع المحتوى سيمثلان حجر الزاوية في مسار الربحية، خصوصًا مع التوجه العام نحو تعزيز المحتوى المحلي باللغة العربية، ما يجعل هذه المرحلة حاسمة في رسم مستقبل منصات الاستماع في المنطقة.

اقرأ ايضاً