في مشهد يثير الدهشة ويكشف عن مستقبل مختلف تماماً للعبادة، بدأت فئات متزايدة من المصلّين حول العالم، وخصوصاً في الهند، باستخدام أدوات ذكاء اصطناعي مصمّمة خصيصاً لتقديم الإرشاد الروحي والمساعدة في الطقوس الدينية. لم يعد الأمر مجرد استشارة كاهن أو شيخ أو راهب، بل بات الإنسان يجد نفسه أمام "روبوت" يرد عليه بلغة الآلهة ويقدّم له النصح باسمها.
إقرأ ايضاً:قبل ما تشتري سيارة كهربائية مستعملة.. 5 حاجات لازم تفحصها وإلا هتندم بعدين!تحرّك مرتقب في سوق الأسهم السعودية.. شركة “شري” تستعد لطرح عام يترقبه المستثمرون
في ولاية راجستان الهندية، يروي الشاب فيجاي ميل، البالغ من العمر 25 عاماً، تجربته مع أداة تُعرف باسم GitaGPT، وهي روبوت دردشة مدعوم بالذكاء الاصطناعي ومبني على نصوص كتاب البهاغافاد غيتا، الذي يُعد من أهم الكتب المقدسة في الديانة الهندوسية. يشرح فيجاي أنه لجأ إلى الروبوت بعد أن فشل في اختبارات التوظيف، وكتب له عن إحباطه، فجاءه الرد: “قم بواجبك ولا تقلق بشأن النتيجة” — وهي إحدى تعاليم كريشنا الشهيرة. بالنسبة له، كانت هذه الكلمات بمثابة إشارة إلهية أعادته إلى الإيمان والثقة بنفسه.
الذكاء الاصطناعي لم يعد أداة مادية باردة، بل أصبح وسيطاً روحياً جديداً. تقول الباحثة هولي وولترز، المتخصصة في الأنثروبولوجيا الدينية، إن الناس في زمن العزلة الرقمية يبحثون عن بدائل للانتماء والطمأنينة، وهنا يأتي الذكاء الاصطناعي ليملأ هذا الفراغ. “بالنسبة للبعض، الحديث مع روبوت إلهي يمنحهم شعوراً بالاتصال بالمقدس”، تضيف وولترز.
تجارب مشابهة ظهرت في ديانات أخرى؛ ففي عام 2023 أثار تطبيق “نص مع يسوع” جدلاً واسعاً لتوفيره محادثات مع شخصيات مسيحية مقدسة، بينما شهد تطبيق QuranGPT إقبالاً كبيراً في العالم الإسلامي لدرجة توقفه مؤقتاً بسبب الضغط الهائل. كما ظهرت روبوتات دينية تمثّل شخصيات مثل كونفوشيوس أو مارتن لوثر، وحتى ديانات جديدة بالكامل أسست على الذكاء الاصطناعي مثل “كنيسة طريق المستقبل”.
في الهند تحديداً، يزداد التفاعل بين الطقوس الدينية والتكنولوجيا، حيث أدخلت المعابد روبوتات بوجا وآرتي تقوم بأداء الطقوس بشكل آلي، بل حتى أفيالاً آلية للمشاركة في الاحتفالات. أما التطبيقات الدينية الحديثة مثل “معجزة العقل” التي أطلقها المعلم الشهير سادغورو، فقد تجاوزت المليون تحميل خلال ساعات.
ورغم أن هذه الظاهرة تفتح آفاقاً جديدة لفهم الدين والروحانية، فإن الخبراء يحذرون من مخاطر التعامل مع هذه الأنظمة ككيانات مقدسة، لأنها قد تصدر أحياناً “فتاوى رقمية” أو نصوصاً خاطئة. فحين يخطئ الذكاء الاصطناعي، قد يفسّر الإله بطريقة لم يقصدها أحد.
إنها مرحلة جديدة من العلاقة بين الإنسان والإله، حيث يلتقي الإيمان القديم بالتكنولوجيا الحديثة، لتبدأ قصة عبادة مختلفة، تكتبها الخوارزميات وتغذّيها الأسئلة الأزلية للروح.