يشهد الاقتصاد السعودي مرحلة غير مسبوقة من التوسع الاستثماري، حيث أكد رئيس هيئة السوق المالية محمد القويز أن المملكة تمتلك فرصًا استثمارية تتجاوز قيمتها 2.1 تريليون دولار، ضمن إطار «الاستراتيجية الوطنية للاستثمار». وتأتي هذه الخطوة امتدادًا للإصلاحات الاقتصادية الكبرى التي شهدتها المملكة خلال السنوات الأخيرة، والتي تهدف إلى تعزيز جاذبية السوق المحلية وجعلها مركزًا ماليًا إقليميًا وعالميًا.
إقرأ ايضاً:خمس شركات تسيطر على ثلث سوق محطات الوقود في السعوديةبدء تداول شركة المركز الكندي الطبي في السوق الرئيسية بسعر 9.05 ريال وسط تفاؤل المستثمرين بالنمو
تحول نوعي في السوق المالية السعودية
أوضح القويز خلال فعاليات «منتدى الاستثمار الخاص» في الرياض أن السوق المالية السعودية تمر بمرحلة تحول جوهري، كان أبرز محطاته الطرح العام الأولي لشركة أرامكو السعودية، والذي غيّر مكانة السوق عالميًا من المرتبة العشرين إلى واحدة من أكبر عشر أسواق مالية على مستوى العالم. وأشار إلى أن الهيئة تواصل العمل على فتح السوق بشكل أوسع أمام المستثمرين الأجانب، دون الحاجة إلى قواعد «المستثمر المؤهل»، وهو ما يسهم في جذب رؤوس أموال جديدة وتنويع القاعدة الاستثمارية داخل المملكة. وبيّن أن ما يقارب 50% من التداولات اليومية في السوق تُنفذ عبر المؤسسات الاستثمارية، في حين تشكل الشركات المتوسطة والصغيرة نحو 60% من إجمالي الشركات المدرجة، مما يعكس ديناميكية السوق واهتمامها بتعزيز دور القطاع الخاص في دعم الاقتصاد الوطني. كما أكد أن الهيئة تهدف إلى إدراج نحو 50 شركة جديدة سنويًا لزيادة عمق السوق وتعزيز السيولة.
فرص ضخمة ضمن الاستراتيجية الوطنية للاستثمار
أوضح القويز أن حجم الاستثمارات المطلوب ضمن الاستراتيجية الوطنية يتجاوز 12 تريليون ريال سعودي (3.2 تريليون دولار)، مشيرًا إلى أن ما تم استثماره بالفعل يبلغ نحو 5 تريليونات ريال (1.3 تريليون دولار)، بينما ما تبقى من فرص يتجاوز 8 تريليونات ريال (2.1 تريليون دولار). وتغطي هذه الاستثمارات قطاعات متعددة تشمل الطاقة المتجددة، البنية التحتية، التقنية، والسياحة، في إطار تحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030 التي تسعى لبناء اقتصاد متنوع ومستدام. ويعد «منتدى الاستثمار الخاص» الذي نظمته الشركة السعودية للاستثمار الجريء أحد أبرز الفعاليات التي تسلط الضوء على هذه الفرص، بمشاركة أكثر من 500 خبير ومستثمر عالمي، إلى جانب مديري الصناديق الاستثمارية وممثلي المؤسسات المالية. ويشكل المنتدى منصة استراتيجية لتبادل الخبرات واستعراض أحدث الممارسات في مجالات الاستثمار الجريء والأسهم الخاصة والدين الخاص.
تعزيز جاذبية السعودية كمركز مالي عالمي
يشكل هذا الزخم الاستثماري مؤشراً على الثقة الكبيرة بالاقتصاد السعودي، حيث تعمل الجهات التنظيمية على تطوير معايير الحوكمة وزيادة الشفافية ورفع كفاءة الأسواق المالية. كما يعكس هذا التوجه سعي المملكة إلى التحول إلى مركز مالي يخدم منطقة الشرق الأوسط والأسواق الناشئة، عبر تطوير بيئة استثمارية محفزة تدعم الاستدامة والنمو طويل الأمد. يمكن متابعة بيانات السوق المالية السعودية الرسمية عبر منصة تداول التي توفر مؤشرات الأداء وتقارير الإدراجات اليومية، بما يعزز من ثقة المستثمرين ويزيد من وعيهم المالي.
تواصل المملكة تنفيذ خطوات متسارعة نحو تحقيق رؤيتها الطموحة في جعل السعودية من بين أبرز الاقتصادات العالمية جاذبية للاستثمار، عبر مزيج من الحوكمة الفعالة والإصلاحات الاقتصادية التي تعزز من تنافسية السوق وتضمن استدامة النمو في المستقبل القريب.