كان في "حالة حرجة للغاية".. قصة إنقاذ شاب ثلاثيني من "مرض فتاك" في مستشفى الحبيب

مستشفى الدكتور سليمان الحبيب في الخبر.
كتب بواسطة: فائزة بشير | نشر في  twitter

شهد مستشفى الدكتور سليمان الحبيب في الخبر حالة طبية استثنائية، تمثلت في إنقاذ شاب ثلاثيني كان يعاني من مرض نادر وخطير يُعرف بمتلازمة انحلال الدم اليوريمية غير النمطية، وهي حالة نادرة تصيب جهاز المناعة وتؤدي إلى خلل خطير في وظائف الكلى وتكسر مكونات الدم الحيوية، في واقعة طبية توصف بأنها من أبرز النجاحات التي شهدتها المنطقة في الآونة الأخيرة.

وقد دخل المريض الذي يبلغ من العمر 32 عامًا، إلى المستشفى وهو في حالة حرجة للغاية، يعاني من فشل كلوي حاد وهبوط حاد في الدم نتيجة تكسر مفرط لخلايا الدم الحمراء، مما تطلب تدخلاً عاجلاً من الفريق الطبي، الذي باشر في إجراء سلسلة من الفحوصات والتحاليل الدقيقة لتحديد السبب الحقيقي وراء هذه التدهورات الصحية السريعة.
إقرأ ايضاً:أسعار حديد التسليح في السعودية تشهد تراجعًا ملحوظًا خلال أغسطسوزارة التعليم السعودية تحدد آليات صارمة للتعامل مع الطلاب المتغيبين بعذر أو دون عذر

وتولى الفريق بقيادة الدكتور مناف الجشي، استشاري أمراض الكلى، مهمة تقييم الحالة، حيث بدأ بفحوصات شاملة شملت تحليل خزعة الكلى، وتحاليل مخبرية للدم والبول والبراز، بالإضافة إلى فحوصات جينية دقيقة، استهدفت الكشف عن أي عوامل وراثية أو طفرات قد تكون وراء الإصابة بهذا المرض المعقد.

وبعد استعراض النتائج، تم تشخيص المريض بمتلازمة انحلال الدم اليوريمية غير النمطية، وهي حالة نادرة تؤثر بشكل أساسي على الأوعية الدموية الدقيقة، وتؤدي إلى تدمير كريات الدم الحمراء والصفائح، خاصة في الكليتين، ما يُفضي إلى الفشل الكلوي الحاد إذا لم يُعالج بسرعة وبأسلوب علمي متقدم.

وأمام هذا التحدي، قرر الفريق الطبي اعتماد خطة علاجية دقيقة تقوم على استخدام علاج بيولوجي حديث يُعرف باسم Ravulizumab، وهو عقار بيولوجي متطور يعمل على تثبيط البروتين المناعي المسؤول عن تحفيز هذا النوع من المتلازمة، حيث يُعد العلاج من الخيارات الطبية الجديدة عالميًا، ولم يكن متوفرًا على نطاق واسع في أغلب المستشفيات.

وبدأ الفريق تطبيق العلاج بعد تجهيز المريض ومتابعة مؤشرات وظائف الجسم عن كثب، ومع مرور الأيام الأولى، بدأت علامات التحسن تظهر تدريجيًا، حيث ارتفعت مؤشرات الدم، وتحسنت وظائف الكلى، مما سمح بتقليل الاعتماد على جلسات الغسيل الكلوي، وتراجعت الأعراض الخطيرة تدريجيًا.

وبالتزامن مع تطبيق العلاج، واصل الفريق الطبي دراسته للحالة من الناحية الوراثية، حيث كشفت الفحوص الجينية الدقيقة عن وجود طفرة نادرة في أحد البروتينات المرتبطة بجهاز المناعة، وهو البروتين المسؤول عن فرط نشاط المناعة، الذي يؤدي إلى تدمير خلايا الجسم ذاتيًا، ويفتح المجال لتطور هذه المتلازمة النادرة.

وكانت المفاجأة أن هذه الطفرة الجينية لم يُسبق تسجيلها في أي من قواعد البيانات الجينية العالمية، مما يُعد اكتشافًا علميًا مهمًا يُضاف إلى إنجاز الفريق الطبي، ويُشكل مساهمة علمية جديدة في ملف الأمراض النادرة ذات الأصول المناعية الوراثية، ويُعزز من جهود البحث في هذا المجال المتقدم من الطب الحديث.

وأوضح الدكتور مناف الجشي أن نجاح العلاج يعود إلى تكامل جهود التشخيص المتقدم، وفهم الحالة من زوايا متعددة، شملت الجوانب السريرية والمخبرية والجينية، مشيرًا إلى أن دقة التنسيق بين أعضاء الفريق الطبي وسرعة الاستجابة للحالة لعبت دورًا محوريًا في تجاوز هذه الأزمة الصحية الحادة.

وأكد أن تقديم العلاج البيولوجي المتطور كان حاسمًا في استقرار الحالة وإنقاذ حياة المريض، مشددًا على أهمية توافر هذا النوع من العلاجات النادرة في مراكز طبية متقدمة داخل المملكة، مما يُقلل من الحاجة إلى السفر للعلاج في الخارج، ويُعزز من قدرات النظام الصحي المحلي في التعامل مع الحالات الاستثنائية.

وغادر المريض المستشفى بعد تحسن ملحوظ، حيث استقرت حالته العامة، وبدأ مرحلة المتابعة المنتظمة في العيادات الخارجية، وسط تفاؤل الفريق الطبي بمواصلة تحسنه، مع متابعة دقيقة لحالته الجينية والمناعية، لتفادي أي انتكاسات مستقبلية ولضمان الاستجابة الكاملة للعلاج.

ويمثل هذا الإنجاز الطبي دليلًا واضحًا على تطور الخدمات الصحية في المملكة، وعلى كفاءة الكوادر الطبية الوطنية في التعامل مع أمراض معقدة ونادرة، باستخدام أحدث التقنيات العلاجية، ووفق معايير علمية متقدمة تُضاهي أفضل المراكز العالمية.

ويُعتبر علاج Ravulizumab من أحدث العلاجات البيولوجية المعتمدة عالميًا لمثل هذه الحالات، ويُستخدم في حالات محدودة للغاية بسبب كلفته العالية والحاجة إلى تشخيص دقيق يضمن ملاءمته للحالة، مما يُظهر قدرة المستشفى على توفير رعاية فائقة المستوى في حالات حرجة.

ويُتوقع أن يتم توثيق الحالة ونتائجها ضمن أبحاث طبية مستقبلية، خاصة أن الاكتشاف الجيني الجديد يُمكن أن يفتح آفاقًا لفهم أعمق لآلية المرض، وقد يسهم في تطوير بروتوكولات علاجية مخصصة لحالات مماثلة مستقبلًا، ضمن الجهود البحثية المتواصلة في علم الجينوم الطبي.

وتُعد متلازمة انحلال الدم اليوريمية من أكثر الأمراض ندرة وتعقيدًا، إذ تصيب عدداً قليلاً من المرضى على مستوى العالم سنويًا، وتحتاج إلى استجابة طبية فورية ومهارة عالية في التشخيص، نظرًا لتشابه أعراضها مع أمراض أخرى، ما يزيد من صعوبة رصدها في مراحلها المبكرة.

ويعكس هذا الإنجاز الطبي حجم التطور الذي تشهده المملكة في مجال الرعاية الصحية التخصصية، ويدعم جهود التحول الوطني نحو مراكز طبية مرجعية عالمية، قادرة على استقطاب حالات دقيقة وتقديم علاجات رائدة في وقت قياسي وبكفاءة عالية.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | اتصل بنا | سياسة الخصوصية | X | Facebook