ضريبة الشهرة القاسية.. رونالدو يضحي بحق الوداع لحماية عائلة جوتا

جنازة جوتا
كتب بواسطة: زهرة بدر | نشر في  twitter

في خطوة أثارت الكثير من التساؤلات، لكنها حملت في طياتها أبعادًا إنسانية عميقة، اتخذ النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو قرارًا بالغياب عن مراسم جنازة زميله في المنتخب، ديوغو جوتا، والذي رحل عن عالمنا في حادث سيارة مأساوي أودى بحياته وحياة شقيقه وأندريه سيلفا.

لم يكن هذا القرار وليد صدفة أو تجاهلا، بل جاء نتيجة تفكير متأنٍ وتنسيق مباشر مع الدائرة المقربة من عائلة اللاعب الراحل، حيث كشفت صحيفة "أبولا" البرتغالية أن الهدف الأسمى كان حماية قدسية اللحظة ومنع تحويلها إلى حدث إعلامي صاخب يطغى على حزن العائلة.
إقرأ ايضاً:دوري يلو يقترب من ضم الجناح البرازيلي الواعد جوستافو مايا قبل إغلاق الانتقالاتاحرص على تأمين مستقبلك: خطوات الاشتراك في نظام معاشات المصريين بالخارج

لقد وضع قائد فريق النصر السعودي ثقله الإنساني فوق كل اعتبار، مدركًا أن حضوره بشخصه كان سيجذب حتمًا جيشًا من وسائل الإعلام والمصورين، مما يحول لحظة الوداع الأخير الهادئة إلى سيرك إعلامي لا يليق بألم الفقد وجلال الموقف الحزين.

بحسب ما أوردته الصحيفة الموثوقة، فإن رونالدو تواصل بشكل شخصي مع المقربين من جوتا، واتفق الجميع على أن غيابه الجسدي هو أفضل شكل من أشكال الحضور المعنوي في هذه الظروف، وهو ما يعكس نضجًا كبيرًا وفهمًا لضريبة الشهرة وتبعاتها.

هذا الموقف يفتح الباب واسعًا أمام تحليل العلاقة المعقدة بين الشخصيات العامة وواجباتهم الاجتماعية، ففي كثير من الأحيان قد يكون أثر الفعل الصامت أعمق بكثير من الحضور العلني الذي تفرضه التوقعات، خاصة في أوقات تتطلب أقصى درجات التكتم والاحترام.

لقد فضّل رونالدو أن يكون دعمه لعائلة الفقيد خاصًا وبعيدًا عن الأضواء، تاركًا المساحة كاملة للدموع والذكريات والدعاء، بدلاً من أن تسرق الكاميرات وعدسات المصورين التركيز من جوهر المناسبة الأليمة وتحويل الأنظار نحوه كنجم عالمي.

يمثل هذا القرار تضحية رمزية من جانب لاعب بحجم كريستيانو رونالدو، فهو يدرك أن مكانته كأيقونة عالمية قد تكون ضررها أكبر من نفعها في سياق يتطلب السكينة والهدوء، وأن حماية مشاعر الآخرين تتطلب أحيانًا اتخاذ قرارات صعبة وغير متوقعة.

إن هذه الحادثة تسلط الضوء على جانب آخر من شخصية النجم البرتغالي، وهو الجانب الذي يوازن فيه بين متطلبات الشهرة التي تلاحقه في كل مكان، وبين مسؤوليته الإنسانية تجاه زملائه وأصدقائه في أوقات المحن والشدائد.

لقد كان بإمكانه الحضور وتسجيل موقف يُحسب له أمام الرأي العام، لكنه اختار الطريق الأصعب والأكثر عمقًا، وهو الانسحاب من المشهد طواعية من أجل أن يبقى الحزن خاصًا وعميقًا، لا تشوبه ضوضاء الشهرة أو بريق النجومية الزائف.

يعكس هذا الموقف أيضًا حجم المأساة التي هزت الأوساط الرياضية في البرتغال، ففقدان ثلاثة شباب في حادث واحد هو جرح غائر ترك أثرًا كبيرًا في نفوس الجميع، مما استدعى تعاملاً استثنائيًا مع الموقف من كافة الأطراف المعنية.

لقد اتفق المقربون من جوتا مع رونالدو على أن هذا الخيار هو الأمثل، مما يؤكد أن القرار كان مشتركًا ومبنيًا على فهم متبادل لطبيعة الموقف الحساس، ورغبة جماعية في إبعاد أي شيء قد يزيد من معاناة العائلتين المكلومتين.

إنها لحظة نادرة تكشف كيف يمكن للشهرة أن تكون عبئًا ثقيلاً، حيث يصبح على النجم العالمي التفكير في تبعات كل خطوة يخطوها، حتى لو كانت خطوة لتقديم واجب العزاء، ففي عالمه الخاص، قد يكون الغياب أحيانًا أصدق أشكال الحضور.

لم تكن الصحافة البرتغالية بعيدة عن هذا التحليل، حيث ختمت صحيفة "أبولا" تقريرها بالتأكيد على أن الانتباه المفرط الذي كان سيجلبه حضور رونالدو يتعارض كليًا مع الجو العام الذي فرضته المأساة على الجميع.

في النهاية، يبقى قرار رونالدو مثالاً واضحًا على أن النجومية الحقيقية لا تقاس فقط بالأهداف والألقاب، بل بالقدرة على اتخاذ القرارات الإنسانية الصائبة في أصعب اللحظات، حتى لو كانت تلك القرارات تعني الاختفاء عن الأنظار تمامًا.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | اتصل بنا | سياسة الخصوصية | X | Facebook